مبادئ إنسانية

أطلب من السماء القوة

42 مبادئ إنسانية : 

القوة الروحية منحة إلهية وخلق جديد

تغسل القلوب وتغير الطبائع

يحكى في الأساطير اليونانية القديمة أن العملاق الجبار أنتايوس كان يعيش في شمال أفريقيا وكانت أمه هي جيا أي الأرض

وكان أنتايوس قويا جبارا يهابه الجميع فقد استطاع بقوته أن يهزم جميع الذين صارعوه

وحدث في يوم من الأيام أن أنتايوس إلتقى بالبط الأسطوري هيراقليس المشهور بإسم هرقل وكان ذا قوة خارقة حتى إنه كما تقول الأساطير استطاع بعد مولده بلحظات قليلة أن يقتل ثعابين ضخمين كما حقق في شبابه أثنى عشر عملا خارقا منها أنه حمل الكرة الأرضية على كتفيه

عندما التقى هرقل مع أنتايوس تصارع البطلان فكان واضحا من اللحظة الأولى أن أنتايوس العملاق متفوق  على هرقل وكاد أن يصرعه لولا أن هرقل لاحظ شيئا مثيرا ترتبت عليه نتائج مذهلة فقط لاحظ هرقل أن غريمه أنتايوس  يظل قويا وغالبا طالما كانت قدماه ملامستين للأرض فإذا ارتفعت قدماه عن الأرض قليلا فارقته قوته الجبارة و
أدرك هرقل تفسير هذا السر حين تذكر أن أنتايوس هو ابن الأرض

وفي الحال استجمع هرقل قوته واحتضن المارد العملاق أنتايوس من خصره ورفعه قليلا حتى لم تعد أصابع قدميه تلمسان الأرض وفي الحال فقد أنتايوس قوته وإنهارات مقاومته فقضى عليه هرقل وحقق نصرا ساحقا

وهذه الأسطورة اليونانية تحمل لنا كغيرها من الأساطير فكرة إنسانية عميقة فهي ترى أن البعض لهم قوة ترتبط بمواقعهم فإذا هم تركوا هذه المواقع فإنهم يفقدون قوتهم بعض الناس لهم قوة مادية ترتبط بالأرض وكنوزها فهم أبناء الأرض كما أن بعض الناس لهم قوة روحية ترتبط بالسماء فهم أبناء السماء

القوة

القوة عكس الضعف والشخص القوي هو القادر على العمل فالقوة هي مصدر النشاط والحركة

والقوة قد تكون قوة مادية طبيعية كقوة الريح العاتية وقوة الزلازل المدمرة وقوة السيول الجارفة وقوة الانفجار وقوة التيار..الخ

وقد تكون القوة معنوية كقوة التفكير الإيجابي التي تبنى صاحبها أو قوة التفكير السلبي التي تهدمه وقوة الخيال المبدعة أو قوة الغريزة المسيطرة أو قوة الإرادة الصلبة..الخ

ويمكن أن تكون القوة ذات طابع روحي عميق كقوة الحب وقوة التسامح وقوة الإيمان وقوة التضحية وقوة العطاء…الخ

ويختلف الناس في قوتهم وضعفهم فيسعى الجميع إلى تحقيق القوة بالتدريب المستمر وبناء القدرات

لكن البعض أيضا يستنفذون قوتهم ويخربون طاقتهم وقدراتهم الطبيعية بالإهمال الشديد وسوء الاستعمال وهناك طبقة أخرى من البشر يخربون أجسادهم وعقولهم بتناول المواد المخدرة والسموم القاتلة فيدركهم الضعف والوهن في سن مبكرة

حكمة الله في توزيع القوى

ولقد كان من فضل الله على البشر أن منحهم ألوانا متنوعة من القوة فلكل إنسان جانب من جوانب التميز يعوض ضعفاته الأخرى

فقد يكون الإنسان عليلا ضعيف الجسد لكنه قوي الإرادة صبور شديد التحمل وقد يكون الإنسان ضعيف الخيال غير قادر على الإبداع لكنه قوي العضلات قادر على تنفيذ إبداعات غيره

وقد أبعد الله في توزيع القوى بحكمة إلهية سامية ظهرت في دقائق الخليقة

فالديناصورات الضخمة القوية تميزت بقوة البدن غير أنها لا تتمتع بعقول ماكرة داهية تمكنها من استخدام قوتها في التدمير على نطاق واسع كما أن الثعالب الذكية الماكرة ليس لها عضلات الأسود أو ثبات النمور والأفاعي السامة ليست لها أجنحة الطيور والطيور المحلقة ليس له أنياب الأفاعي .. إلى غير ذالك من نماذج الحكمة الإلهية في توزيع القوى

ولقد جعل الله الكائنات الحية قادرة على معايشة الحياة وفق ظروفها الطبيعية بلا زيادة أو نقصان في قوتها وقدراتها الخاصة

لكن الله ميز الإنسان بمجموعات متكاملة من القوى تؤهله للتفوق على الحياة وليس مجرد معايشة الحياة وأبرز هذه القوى هي: القوة الجسمانية والقوة العقلية والقوة الروحية

القوة الجسدية

خلق الله الجسم الإنساني مليئا بالأجهزة المتكاملة كالجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والجهاز العصبي..الخ وهي أجهزة متعاونة تعمل معا في انسجام كامل وحين تؤدي كل هذه الأجهزة وظائفها الدقيقة يظل الجسم سليما قويا فإذا إعتل أحدها تأثر الجسم كله وصار الإنسان ضعيفا عليلا فالجسم القوي هو الجسم الذي يعمل بانتظام ويؤدي وظائفه بكفاءة عالية

ولكننا درجنا على اعتبار أن القوة هي قوة عضلات الجسم فالقوي و صاحب العضلات البارزة الذي يستطيع حمل الأثقال ولا شك أ، قوة العضلات جانب من جوانب القوة الجسدية لكنها ليست كل شيء فالجسم مجموعة من القوى فهناك قوة البصر وقوة السمع وقوة الأعصاب..الخ

وقد يتمتع البعض بقوة خارقة في إحدى هذه الجوانب مثلما يتمتع صاحب العضلات بقوة عضلاته

ولله في خلقه شئون

القوة العقلية

لكن قوة الإنسان ليس في جسمه فقط فهناك من القوة أبعد كثيرا من المحسوسات البدنية ولعلها أقوى تأثيرا على حياة الناس

فهناك قوة الإدراك وقوة الذاكرة وقوة الإرادة وقوة الاقتناع وقوة التأثير…الخ

القوة الروحية لكن أعظم قوة يتمتع بها الإنسان هي القوة الروحية التي تخضع لها كل القوى الأخرى

فأقوى البشر بدنيا لا يستطيع أن  يحمل أضعاف وزنه لكن الإيمان القوي يحرك الجبال

وأقوى العقول إدراكا لا يستطيع أن يمنح صاحبه القدرة أن يحب أعداءه لكن القوة الروحية تمنح صاحبها القدرة على أن يحب حتى الذين يبغضونه والذين لا ستحقون الحب

وأقوى المراكز المالية لا تستطيع أن تجعل أصحابها يمنحون أموالهم للفقراء لكن القوة الروحية في القلب تجعل صاحبها قادرا على اقتسام لقمة العيش مع غيره من المحتاجين

أقوى الحجج الفسلفية لا تقدر أن تمنح مالكها القدرة على الغفران الكامل لمن يسيؤون إليه بلا حقد أو مرارة أو ضغينة في القلب

أقوى درجات الثراء لا تستطيع أن تمنح صاحبها الرضا لكن القوة الروحية تملأ النفس بالقناعة والرضا حتى في أحلك الظروف إن التقوى الروحية طاقات خارقة تثري الحياة البشرية المحدودة فتمنحها قدرات فائقة تتمثل في قوة الحب وقوة الغفران وقوة الرضا والقناعة وقوة العطاء رغم الحاجة وقوة السلام النفسي في أحلك الظروف وقوة الصمود والتحمل والصبر

الله قوتنا

هناك فرق كبير بين بناء القوة الجسدية بالتدريبات البدنية وبين الحصول على القوة الروحية وكذالك هناك فرق كبير أيضا بين تنمية العقل بالتعلم والاستنارة الذهنية وبين تحقيق القوة الروحية

فالقوة الروحية ليست تنمية لقوة الإنسان الطبيعية لكنها قوة علوية خارجة عن محيط القوة الإنسانية

القوة الروحية لا يصنعها الإنسان لكنه يحصل عليها من فوق

الإنسان الطبيعي تحكمه القوى البشرية المحدودة التي تتمثل في طبيعة الأرض فغاية قدراتنا البشرية هي أن نحب من يحبنا ونكره من يكرهنا ونقلع عين من يقتلع عيننا هذه طبيعتنا المجردة ونحن بطبيعتنا أنانيون نحتفظ لأنفسنا بأفضل الأشياء ونسعى لامتلاك ما تطوله أيدينا ونشتهي ما يمكله الآخرون إلى خير ذالك من نقائصنا

هذه طبيعتنا البشرية لنا لا تتطور بالتدريب ولا تصلح بالنوايا الحسنة ولا ترقى بالجهاد الروحي أو التدين أو ممارسة الفرائض والطقوس ولا تتغير بالتقشف والزهد أو تقمص روح الخشوع أو ممارسة أعمال البر و قراءة الكتب الدينية…الخ

القوة الروحية ليست دواء نتناوله لكنها منحة إلهية يمنحها الله لمن يطلبها اعترافا بضعفه البشري إنها خلق جديد يمنح الله فيه الإنسان الضعيف قوة خارج من ذاته فيولد في داخله إنسان جديد من جوهر روحي متصل بالسماء

إن القوة الحقيقية التي تقهر كل قوى الشر في طبيعتنا الإنسانية هي قوى الروح الإلهي القوة المغيرة التي تغسل قلوب التائبين وتغير طبائع الخاضعين المعترفين

صرخة إنسانية

يا رب

كثيرا ما حاولت أن أتغلب على ضعفي

لكن شهواتي الدفينة هزمتني

طبيعتي البشرية الضعيفة

هزمت كل محاولاتي

و فضحتني أمام نفسي وأمامك

لذالك أجئ إليك

بقلب خاضع ذليل

أعترف بضعفي وحاجتي

وأطلب من السماء القوة

تغير حياتي

أمنحني قوة من عندك

إملأني بقوة روحك

أنر بصيرتي لأدرك حقك

أعطني روحا من خارج ذاتي

أكشف لي ضعف بشريتي

أخرجني من محاولاتي البشرية الفاشلة

أنقذني من غروري

خلصني من الاتكال على عبادتي الجافة

أنر قلبي بنور جديد

فأحتمي بقوتك

وأملأ حياتي بقوة جديدة

تسكبها في داخلي بروحك القدسى

فأصبح إنسانا جديدا

إنسانا متصلا بقوة الحياة

يا رب

أطلب من السماء القوة
أطلب من السماء القوة

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟