مبادئ إنسانية

يطهر نفوسنا وضمائرنا

35 مبادئ إنسانية :

السخرية لغة الشيطان

والتشجيع لغة الله

منذ فترة قصيرة تحدثت الصحف البريطانية عن فتاة صغيرة في سن المراهقة أقدمت على الانتحار داخل المدرسة وشاهد الجمهور الإنجليزي على شاشات التلفزيون صورة الفتاة الصغيرة الرائعة الجمال التي انطفأ نورها وهي تخطو خطواتها البريئة على ساحة الحياة دون أن يكون هناك مبرر ظاهر لهذه المأساة الأليمة

ثم تكشفت الأسباب فأصبح الجميع قلق شديد وتحولت مشاعر الحزن إلى  غضب هائل فقد كانت الفتاة  الصغيرة رقيقة مهذبة وهي مجتهدة بصورة ملفتة وملتزمة بالنظام والآداب العامة والخلق وقد دفع هذا التميز عددا من زملائها وزميلاتها إلى التندر بها واتخاذها هدفا للسخرية وجعلوا إحراجها والاستهزاء بها أمام الزملاء سبيلا للضحك الصاخب

وأصبحت هذه السخرية اليومية والكلمات اللاذعة نوعا من التعذيب الشديد الذي أرهق أعصاب الصغيرة البريئة ومزق قلبها وحطم دواخلها وأحاط عقلها بدوامات فكرية قاتمة وأدخل في نفسها مذاقا مرا قاسيا كان عليها أن تتحمله في صبر شديد دون أن تشكو 

كان الأمر يبدو للجميع وكأنه مجرد مرح بين الأصدقاء عليها أن تبتسم له وتنصرف في صمت أما هي فقد كانت تعلم أن ابتسامتها المرة هي وسيلتها الوحيدة للخلاص من الألسنة الساخرة القاسية وكانت تعلم أن أي تعبير عن الغضب والضيق سيصبح مادة جديدة للسخرية ومشجعا للتمادي في اللعبة القاسية

وضاقت نفس المراهقة الصغيرة وتعلقن آمالها بالانتقال إلى فصل جديد بزملاء جدد لا يستهدفونها بالسخرية لكن العام التالي جاء لها بنفس الزملاء وأغلق أمام فكرها المرهق كل أبواب النجاة فلم تجد غير باب واحد هو باب الخروج من الحياة والانتحار الصامت الحزين

ومع أن اللوم قد وجه إلى المعلمين الغافلين وإلى الزملاء الساخرين إلا أن الجميع لم يعترفوا باشتراكهم في الجريمة القاسية فأغلب الناس لا يدركون ما تفعله السخرية في تحطيم الآخرين وأغلب الناس لا يعرفون الدموع الحارقة والليالي المرة والثمن الفادح الذي يدفعه البسطاء الذين نسخر بهم في مقابل أن نضحك نحن لحظة واحدة

السخرية لغة الشيطان

السخرية لغة خشنة لها مفردتها وعبارتها القاسية الحادة وبعض الناس يجيدون لغة السخرية ويخترعون الكلمات الجارحة ويضعون فيها مرارة قسوتهم

والشيطان هو المعلم الأول فهو يهدف إلى إيذاء الناس والسخرية بهم والإقلال من شأنهم ثم دفعهم إلى السقوط في الإحباط والفشل

والشيطان لا يعمل ذالك وحده بل يستخدم ألسنة البعض في السخرية من البعض الآخر وهو بذالك يزرع الحقد بين الناس ويغرس المرارة في قلوبهم لكن الشيطان يهدف إلى أبد من ذالك

إنه يسخر بنا ليظهر ضعفنا:

من النوادر القديمة التي تمثل لونا لاذعا من السخرية ما قيل عن صديقين معوقين كانا يقضيان أوقات الفراغ معا وكان لكل منها عاهة ظاهرة إذا كان أحدهما أصما والآخر أعرجا وفي يوم من الأيام قال الأصم للأعرج مازجا: تعال نقطع الفراغ بالرياضة ونتسابق لنرى من منا الأسرع في الجري فرد الأعرج قائلا: لا بل عال نستخدم الوقت في سماع الموسيقى

وهذا المزاح الجارح يعكس السخرية من ضعفات الآخرين والتركيز على إظهار عيوبهم وإبرازها والشيطان يستخدم دائما هذا النوع من السخرية فهو يعرف نقائصنا وضعفاتنا البشرية ويسعى لتوضحيها لتحطيم معنوياتنا

وهو يسخر منا لتحطيم معنوياتنا:

هناك تشبيه جميل يوضح أسلوب الشيطان في مواجهتنا بأخطائنا فقد قيل أن الشيطان يحمل صورة مرآة ذات وجهين أحدهما يكبر الصورة والآخر يصغرها وهو يستخدم الشهوات التي فينا فيوحى إلينا لنرتكب الشر واضعا أمامنا وجه المرآة التي تصغر الشر في عيوننا وتظهره كهفوة بسيطة فإذا ما سقطنا في شباكه أسرع واضعا أمامنا المرآة المكبرة لنرى ما اقترفناه فنراه شرا عظيما وخطيئة لا تغتفر وهو يفعل هذا ليضعنا تحت إحساس عميق بالذنب يستخدمه في تحطيم حياتنا ودفعنا إلى الفشل

وهو يسخر منا ليدفعنا إلى هلاكنا:

هناك قصة أليمة عن طفل صغير كان يلهو بين أصحابه الكبار على شاطئ البحر وكانوا جميعا يقفزون في الماء من فوق صخرة عالية لكن الصغير كان يخشى القفز المرتفع فأخذ رفاقه يسخرون به ويتهمونه بالجبن والخوف حتى اضطر إلى الرضوخ لهم وقفز قفزة مرتعشة خائفة جعلته يصطدم بقاع الصخرة لتحطم فقراته العنقية وليكمل بقية عمره عاجزا فوق الفراش

ولعل هذا ما يفعله بنا الشيطان حتى يستفزنا ويتهمنا بالجبن والطفولة ويدفعنا بذالك إلى ارتكاب الحماقات التي تنتهي بتحطيم حياتنا ونحن نرى ذالك بوضوح في حياة الشاب المخدوع الذي يندفع نحو الجنس والمخدرات التي يقنعهم الشيطان أنها أعمال بطولة ورجولية وهي تنتهي بهم إلى الضياع والهلاك

ويسخر منا حين يبعدنا عن رحمة الله:

والشيطان يفعل ذالك مرتين فهو يحاول أن يبعدنا عن رحمة الله بإقناعنا أن خطايانا فادحة جدا وقبولنا في مراحم الله أمر ميؤوس منه وهو خداع وسخرية بنا لأن الشيطان يعلم أن رحمة الله للإنسان واسعة جدا وأن الله سيرحب بنا إذ عندنا إليه بقلوب تائبة مهما كانت شرورنا وخطايانا

وهو يحاول مرة أخرى إبعادنا عن رحمة الله بإقناعنا أننا صالحون أتقياء لا نرتكب ما يرتكبه غيرنا من شرور فنحن لسنا في حاجة إلى التوبة وهذا أيضا خداع عظيم فالشيطان يعلم أننا جميعا ساقطون في الشر بأعمالنا وأفكارنا وشهواتنا الداخلية وأننا أمام قداسة الله نمثل بقعا سوداء نجسة ويلزمنا أن نعترف بخطايانا  ونطلب رحمة الله وغفرانه

إن الشيطان يسخر منا مرتين ويهزأ بنا لجهلنا وضعف وعينا الروحي وهو في النهاية يحاول إبعادنا عن رحمة الله الواسعة

التشجيع لغة الله

وعلى النقيض من الشيطان فإن الله سبحانه يتحدث إلينا حديثا عذبا بلغة التجشيع

فهو يقبلنا رغم ضعفاتنا:

فالله يعلم أننا بشر ضعفاء لا نستطيع أن نفعل الصلاح والبر ويعلم أننا نحمل طبيعة ساقطة تحب الخطيئة وتميل إلى الشهوة لذالك فهو لا ينتقم منا حين نسقط لكنه يعطف علينا فالخطيئة في حياتنا مرض مميت ولله يريد أن يلمسنا اللمسة الشافية إنه إله الحب وليس إله الانتقام

وهو يغفر خطاينا:فهو وحده يملك الصفح عنا إذا اعترفنا بجرمنا بل وينتظر عودتنا إليه وقد أعد لنا سبيلا للعودة إلى الجنة المفقودة ومنحنا حرية الإرادة لنعود إليه نادمين وليس حجم خطايانا حائلا دون غفران فالله يقبل في رحمته أشر الخطاة والمجرمين متى تجاوبوا مع همسات روحه القدوس الذي يرشدهم لطريق العودة والقبول

وهو يشجعنا بمنحنا القوة الروحية:

ففي حين يسخر بنا الشيطان ليظهر ضعفنا ويهدم روحنا فإن الله يشجعنا ويبنى أرواحنا

إنه يعرف ضعف طبيعتنا البشرية لذالك يمنحنا من روحه طبيعة روحية تقاوم الشر المتأصلة فينا

إن الله لا يشجعنا بالكلام الحلو لكنه يشجعنا بالقوة العملية التي تنسكب في قلوبنا فتنير بصائرنا وتوضح لنا الحق وتحفظ أقدامنا ثابتة فيه بعيدة عن الخداع والزيف مهما كان صوته عاليا

والله يشجعنا بأن يمنحنا اليقين الداخلي:

فبينما يغرس الشيطان في قلوبنا الشك والقلق والخوف فإن الله يمنح العائدين إليه يقينا ثابتا بالقبول في رحمته وطمأنينة كاملة للمثول بين يديه وسلاما غامرا يملأ القلب والضمير

إن التشجيع هو لغة الله وما أسعد العائدين إلى رضاه المستمتعين بصفاء الحياة بين يديه الناجين من أنياب الشر وسخرية الشيطان

صرخة إنسانية

يا رب

نشكرك من أجل لغة السماء

الحانية

لغة التشجيع والمساندة

فمع أنك أ،ت العالم بكل شيء

فإنك لا تسخر منا لجهلنا

ومع أنك القادر على كل شيء

فإنك لا تسخر منا لضعفنا

ومع أنك المرتفع فوق كل شيء

فإنك لا تسخر منا لإتضاعا شأننا

يا رب

نشكرك من أجل لغة السماء

الحانية

لغة الرحمة والغفران

فبرغم فساد طبيعتنا

تفتح لنا باب رحمتك

ورغم شرودنا وإبتعادنا

تدعونا إلى سبيل معرفتك

 يا رب

نشكرك من أجل لغة المسا

الحانية

لغة الحب الهادئ

فبرغم قوى الشر الجامحة

التي تحاول إخفاء الحق

وبرغم أصوات الضلال والخداع

التي ترتفع من حناجر الكذب

فإن روح حبك الهادئ

يتحدث في هدوء إلى أرواحنا

ليرفع نفوسنا المنسحقة

ويدك الحانية تمسح عارنا وحزننا

ونور قداستك

يطهر نفوسنا وضمائرنا

وبعد أن سخرت بنا احياة

تعود فتمنحنا كرامة الأبناء

العائلدين في خضوع إلى ديار رحمتك

فأغلق اليوم آذاننا

عن ضوضاء الزيف

عن روح الضلال والكذب

الذي يسخر بعقولنا ويخدعنا

وإكشف لنا طريق الحق والكرامة

الذي أعددت لنا

يا رب

يطهر نفوسنا وضمائرنا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟