اسئلة واجوبة

نبوءات ميلاد المسيح

إنّ العهد القديم المتكوّن من توراة موسى (عليه السلام)، ومزامير داود (عليه السلام) وقصص

أنبياء الله (عليهم جميعًا السلام) قد تنبّأ في نصوصٍ عديدةٍ عن المسيح، سواء عن ميلاده أو حياته أو تعاليمه، وحتى موته وقيامته؛ وهي ما نُسمّيها بالنبوءات المسيانيّة. لكن خلال هذه الفترة سنخوض معًا رحلةً عبر صفحات الكتاب المُقدّس للتعرُّف على نبوءات العهد القديم عن ميلاد المسيح بالتحديد. والنبوءات لها أهميّة كُبرى في إيماننا المسيحي، حتّى عقيدتنا تستند في المسيح على عدّة جوانب منها إيماننا بالكلمة المُقدّسة التي تحدّثت عنه، وأفعاله ومُعجزاته وتعاليمه وسُلطانه على الطبيعة وما قاله عن نفسه، وبما في ذلك عُنصر هام جدًا وهو النبوءات التي تحدّثت عنه في العهد القديم، وحقّقها المسيح في العهد الجديد. هذا ما سنتعرّف عليه خلال رحلتنا في نبوءات العهد القديم عن ميلاد المسيح، تابعونا!

من أوضح النبوءات التي وردت في العهد القديم عن ميلاد المسيح هي نبوءة ميلاده من نسل المرأة. ونرى هذا جليًّا عندما توعّد الله للحيّة أو (الشيطان) بأنّ نسل المرأة (المسيح) سيسحق رأسها، وهذا عندما قال: فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». (تكوين 3: 14 – 15). وعندما نعود للعهد الجديد نجد أنّ المسيح لم يولد من نسل أب بشري، وإنّما ولد من العذراء السيّدة مريم (عليها السلام). وهذا ما أكّده الرسول بولس عندما قال: «وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ» (غلاطية 4: 4)

كما نرى أيضًا الوحي المُقدّس يؤكّد على انتصار المسيح على إبليس، كما أشارت النبوءة في العهد القديم وهذا ما قاله الوحي المُقدّس في العهد الجديد عن المسيح: «إذ جَرَّدَ الريَاسَاتِ والسَّلاطينَ أشهَرَهُمْ جِهارًا، ظافِرًا بهِمْ فيهِ» (كولوسي 2: 15). والمسيح نفسه قال: «رأيتُ الشَّيطانَ ساقِطًا مِثلَ البَرقِ مِنَ السماءِ» (لوقا 10: 18). وكما في رسالة العبرانيين يؤكّد الفكرة بوضوح ويقول: «فإذ قد تشارَكَ الأولادُ في اللَّحمِ والدَّمِ اشتَرَكَ هو أيضًا كذلكَ فيهِما، لكَيْ يُبيدَ بالموتِ ذاكَ الذي لهُ سُلطانُ الموتِ، أيْ إبليسَ» (عبرانيين 2: 14).

فكما تنبّأ العهد القديم عن ميلاد المسيح من نسل المرأة، فقد تحقّق هذا في العهد القديم بعد مئات السنين.

من أشهر النبوءات التي وردت في العهد القديم عن ميلاد المسيح، هي نبوء النبي إشعياء والتي تقول بأنّ المسيح سيولد من عذراء، «وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». (إشعياء 7: 14). هذه نبوءة النبي إشعياء إنّ العذراء ستحبل وستلد ابنًا. عندما نرجع لنصوص العهد الجديد سنرى البشير متّى يحكي لنا قصّة بشارة حمل السيّدة مريم ويقول: «أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وهنا تأكيد الوحي المُقدّس على عُذريّة السيّدة مريم وأنّها عذراء.

في هذا الوقت ظهر ملاك الربّ ليوسف النجّار في رؤيا وقاله: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.» (متّى 1: 18 – 23). أيضًا البشير لوقا في إنجيله أكّد نفس الفكرة وقال: «إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.» (لوقا 1: 27).

فكما تنبأ العهد القديم عن ميلاد المسيح من عذراء، فقد تحقّق هذا في العهد القديم بعد مئات السنين.

وردت النبوءة في العهد القديم أنّ المسيح سيُلقّب بـ(عمّانوئيل) أي الله معنا، والبشير متّى وضّح لنا إشارة مُهمّة وهي الاسم عندما قال في بشارة الملاك ليوسف النجّار: «فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.» (متّى 1: 21 – 23). وهنا نرى التأكيد على اسم عمّانوئيل وتوضيح شرحه بعبارة الله معنا، وهذا بالطبع النبوءة التي ذكرها النبي إشعياء في العهد القديم عندما قال: «وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». (إشعياء 7: 14).

ومن مظاهر تحقيق معيّة الله لنا عندما قال الوحي المُقدّس في إنجيل يوحنّا عن المسيح: «وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.» (يوحنّا 1: 14). أيضًا نرى معيّته بوضوح عندما ردّ المسيح على واحد من تلاميذه طلب أن يرى الله الآب فقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟» (يوحنّا 14: 9).

فكما تنبّأ العهد القديم عن اسم المسيح (عمّانوئيل)، فقد تحقّق هذا في العهد القديم بعد مئات السنين.

سنتكلّم عن نبوءة نسب المسيح هنا، يبدأ البشير متّى إنجيله بسرد نسب المسيح ويقول: «كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ.» (متّى 1: 1 -2). يؤكّد لنا الوحي المُقدّس نسب المسيح وارتباطه بنبي الله إبراهيم، والربط هنا له دلالة قويّة وهدف كبير في الذهنيّة اليهوديّة وقتها. يعود هذا لمكانة النبي إبراهيم في العهد القديم. فعند العودة لنصوص العهد القديم في سفر التكوين نرى وعد الله لإبراهيم حينما قال له: «فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ». (تكوين 12: 2 – 3).

هنا الوعد الإلهي لإبراهيم بالبركة والنسل العظيم تحقّق في المسيح في نصوص العهد الجديد، فنجد الوحي المُقدّس يقول: «وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ». (غلاطية 3: 8)، يكمّل ويقول: «لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.» (غلاطية 3: 14).

وهنا الوحي المُقدّس يقول إنّ البركة التي وعدها الله لإبراهيم للأمم جاءت من خلال المسيح يسوع ثم يُكمل ويقول: «وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ.» (غلاطية 3: 16)

فكما تنبّأ العهد القديم عن أنّ المسيح سيكون من نسل إبراهيم، فقد تحقّق هذا في العهد القديم بعد مئات السنين.

ربط العهد الجديد المسيح بنسل النبي داود، وبالعودة للعهد القديم يقول عن الرب للنبي داود: «وَيَكُونُ مَتَى كَمَلَتْ أَيَّامُكَ لِتَذْهَبَ مَعَ آبَائِكَ، أَنِّي أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ بَنِيكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتًا وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ. أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا، وَلاَ أَنْزِعُ رَحْمَتِي عَنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا عَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ. وَأُقِيمُهُ فِي بَيْتِي وَمَلَكُوتِي إِلَى الأَبَدِ، وَيَكُونُ كُرْسِيُّهُ ثَابِتًا إِلَى الأَبَدِ». (1 أخبار الأيام 17: 11 – 14).

وعندما نرجع للعهد الجديد وفي أول آية من إنجيل البشير متّى، وهو يسرد لسلسلة نسب المسيح قال: «كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ» (متّى 1: 1)، وشدّد على يسوع المسيح ابن داود، وكمان سنرى البشير لوقا في إنجيله، وهو يسرد قصّة بشارة حمل السيّدة مريم ويقول عنها: «إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ» (لوقا 1: 27). وهنا وضّح أنّ يوسف النجّار هو من بيت داود. أيضًا قيل عن المسيح في سفر الرؤيا: «أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ». (رؤيا 22: 16).

فكما تنبّأ العهد القديم عن أنّ المسيح سيكون من نسل داود، فقد تحقّق هذا في العهد القديم بعد مئات السنين.

للتعرُّف أكثر على نبوءات العهد القديم عن المسيح، شاركنا بتعليق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟