تأملات القراء

الصيام …. يغيرنا ولكن لايغير الله .

 

 يصوم المؤمن بناءً على محبته لله ورغبته في التقرّب منه والتذلل والانكسار أمامه طاعة له ، فللصّوم مكانةٌ هامةٌ في الإيمان المسيحي وفي حياة المؤمن بالمسيح. لقد بيّن الرب أهمية الصّوم  وجدّيته في علاقتنا مع الله، وقد التزم به رسل المسيح والمؤمنون على مرّ تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، وسيبقى الصّوم حتى مجيء السيد المسيح ثانيةً علامة إيمانٍ ثابتةٍ في المسيح.

متى موعد الصّيام  ولماذا يجب علينا أن نصوم؟

الكتاب القدس لا يأمر المسيحيين بالصوم. فأنه ليس شيء يأمر به الله أو يطالبنا بفعله , هدا وأن الكتاب المقدس لايحدد أوقاتاً أو شهوراً للصّوم. فقد تُرك الأمر للضمير الشخصي إن لم نقل لروح الله القدوس الساكن فينا بمفهوم الايمان المسيحي . وتبعاً لنموذج الكتاب المقدس، قد تقوم جماعة من المسيحيين أو الكنيسة بتحديد وقتٍ للصّوم من أجل أمرٍ هامٍ في حياة المؤمنين، أو من أجل خدمة المسيح والإنجيل، مثال على ذلك ما فعله بولس وبرنابا حيث نقرأ في الإنجيل المقدس في سِفر أعمال الرّسُل 14: 23 . لكن أيضاً يوجد عند طوائف مسيحية زمن معيّن للصّوم يسبق عيد الفصح بأربعين يوماً، ولكن هذا التحديد الزمني لا يرتبط بتعليم كتابي بل هو يندرج في سياقِ ترتيبٍ أو تقليدٍ كنسيٍّ.

أمّا لماذا يصوم المؤمن المسيحي، فلأن الصّوم علامةٌ مميزةٌ في حياة الإيمان، يعبّر فيه المؤمن بالمسيح عن خضوعه وطاعته للرب كما يطيعه في الصلاة ووصاياه الأخرى. ومثالنا الأعلى وقدوتنا في الصّيام هو السيد المسيح نفسه (إنجيل متّى 4: 2). بالإضافة إلى كون الصّوم مفتاحاً أساسياً للتفرّغ من كل المشاغل والروتين وأمور الحياة اليومية (حتى الطعام) للانصراف إلى الصّلاة، كما يوجد أسباب أخرى هامة للصّوم بحسب نصوص كتابية، كما يلي:
*الصّوم عربون توبة وإعلان رجوع إلى الله طلبا لغفرانه ورحمته، (يوئيل 2: 12).

* الصوم طلباً لاستجابة الرب طلبات وتضرّعات وخاصة في الأوقات الصعبة والظروف القاسية، (إرميا 36: 9.

*الصّوم (والصّلاة) طلباً لقوة روحية من الله للتغلّب على الأرواح الشريرة أو على أوقات الشرّ، (إنجيل متّى 17: 21، رسالة كورنثوس الأولى 7: 5). 

أين يجب علينا الصّوم؟

ليست للمكان أهميةٌ في زمن الصّوم، ولا يوجد تعليم كتابي يحدد المكان الذي ينبغي فيه على المؤمن أن يقضي فترة صيامه، المهم في الصّوم هو الصّوم بحدّ ذاته والنيّة بالالتزام به، وعدم تباهي الصّائم بصومه أمام الناس لكي يكسب منهم مديحاً، بل الصّوم المقبول عند الله هو  الصّوم الخفي المعلن لله، لأن الصّوم هو أمر شخصي وليس فرصةً للتظاهر. الله يهتم باتجاهات القلب ونيّاته أكثر من المظاهر الخارجية، ولا يصبح للصّيام أي معنى إن لم نظهر محبة لله ورحمة تجاه الآخرين في حياتنا اليومية. قال السيد المسيح في إنجيل متّى 6: 17 – 18.

كيف يصوم المؤمن المسيحي وما هي مدة صيامه في اليوم؟

بالرغم من أن الصيام في الكتاب المقدس يشير دائماً الي الأمتناع عن الطعام، فهنالك طرق أخري للصيام. فأي شيء تتمنع عنه مؤقتاً ليساعدك علي التركيز علي الله يعتبر صياماً (كورنثوس الأولي 1:7-5). والصيام يجب أن يكون مرتبطاً بوقت معين وخاصة ان كان عن الطعام. ففترات الأمتناع عن الطعام الطويلة قد تكون ضارة للجسد. فليس المقصود بالصيام معاقبة الجسد، بل التركيز علي الله. ويجب الا يكون الصيام “نظام غذائي للتخسيس”. لا تصوم لتفقد بعض الوزن، ولكن لتكسب علاقة وشركة أعمق مع الله. نعم، يمكن لأي شخص الصوم. وربما لا يتمكن البعض من الامتناع عن تناول الطعام (مرضي السكر مثلاً)، ولكن كل شخص يمكنه التنازل عن شيء ما يساعده علي التركيز علي الله.

وبتحويل نظرنا عن الأشياء العالمية، يمكننا التركيز علي المسيح. الصيام ليس لأقناع الله بفعل ما نريده. فالصيام يغيرنا، ولكن لا يغير الله. والصيام ليس طريقة لأظهار أننا أكثر روحانية عن الآخرين. فلا بد أن يصاحب الصيام روح التواضع والفرح. متي 16:6-18 يعلن، “ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم: انهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت متي صمت فادهن رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر للناس صائماً، بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية”.

الصيام .... يغيرنا ولكن لايغير الله .
الصيام …. يغيرنا ولكن لايغير الله .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟