بريدك اليومي

المُتجنِّد وارتباكات الحياة

لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ ( 2تيموثاوس 2: 4 )

إن المؤمن يجب أن يتجَنَّد بإرادة حرة، وبقلب صادق، ليتبع الرب، تغمره المحبة للمسيح، والولاء المُخلِص له. إنه تَجَنَّدَ قلبًا وقالبًا في الفكر والعمل، ولذلك يتعيَّن عليه أن يحفظ نفسه مِن شراك أعمال هذه الحياة، المُرتبطة بنظام هذا العالم، حتى لا يقع فيها. وهذا لا يعني قط إهمال الأعمال الزمنية وتركها، فالكتاب يُحَرِّض أن نمارس أعمالنا بهدوء وجدية وأمانة ( أع 20: 35 ؛ أف4: 28؛ 1تس4: 11، 12؛ 2تس3: 10، 11).

ولكن الرسول يُحذر من شراك هذه الحياة، حتى لا تسرق وقتنا، وتشغلنا عن الهدف النبيل الذي تجنَّدنا مِن أجله. لأنه إذا سيطرت أمور هذه الحياة على تفكيرنا، فإننا نفقد تكريسنا، ونكون في حالة الارتباك، ونفقد معنى ”مُتَجَنِّد“ التي تعني ”مُحارب“ أو ”يُحارب“، وهي كلمة تحمل صفة الجندي وعمله. والتجنُّد لحساب المسيح أمر تقتضيه العلاقة الشرعية التي بين المؤمن وسَيِّده. وهو ليس تفضلاً مِن المؤمن، بل واجب شرعي عليه أن يُتممه، بكل أمانة وإخلاص.

والكلمة «يَرتبك» جاءت في 2بطرس 2: 20 مرتبطة بأُناس رجعوا إلى أمور دنسة وارتبكوا فيها. والكلمة تعني أن ارتباك المُتجَنِّد بأمور هذه الحياة، يُخرجه مِن دائرة الأمانة والشرف التي ارتضى لنفسه أن يُحارب فيها، محبة لسَيِّدهِ، وأمانة للحق الذي بين يديه.

فالارتباك بأمور الحياة؛ الثياب البراقة، والطعام الفاخر، والمُغالاة حتى في الأشياء المشروعة، كلها لا تناسب حالة الجندي المُنخرط في ساحة القتال، ويُقيم في خضم المعارك.

وكيف تطيب للمؤمن حياته الخاصة، والحق الكتابي يُهان، والتعليم الصحيح يُهاجم بشتى الوسائل. انظر ما قاله الجندي الصالح ”أُورِيَّا الحِثِّي“ لداود، عندما عرض عليه أن ينزل إلى بيته، فرفض بكل إباء وإصرار: «إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام … وأنا آتي إلى بيتي لآكُل واشرب وأضطجع مع امرأتي! وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر» ( 1صم 11: 12 ).

وهذه الخدمة ليست واجبًا ناموسيًا، نحتفل بيوم خروجنا منها، بل هو عمل المحبة المستمر لحساب سَيِّدنا الذي نُحبه. والمقصود ليس الجهاد في ذاته، بل الطاعة القلبية والإخلاص لسَيِّدنا. أما الحركة، فالقائد يعرف كل شيء، وهو الذي يُوجهنا حيث يريد، وما علينا إلا أن ننتظر توجيهاته وشعارنا «هأنذا أرسلني» ( إش 6: 8 )، عندئذٍ في هدوء وثبات وعزم، وفي معرفة وفهم، يقوم الجندي بالعمل وينجح.

رمزي فؤاد

المُتجنِّد وارتباكات الحياة
المُتجنِّد وارتباكات الحياة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟