مبادئ إنسانية

يلبسه الله ثوبا لا يبلى

20 مبادئ إنسانية :

حين يحس الإنسان بالعري

يلبسه الله ثوبا لا يبلى

مسرحية الملك هو الملك هي إحدى أعمال الكاتب المسرحي سعد الله يونس وتدور المسرحية حول ملك أصابه الملل وضاق صدره بديوان الحكم فدعا وزيره وشكى إليه حاله واتفقا معا على خطة للترفيه عن الملك وإدخال السرور على نفسه فلما جاء الليل استبدل الملك والوزير ثيابهما الفاخرة وارتديا ملابس العامة وخرجا يطوفان بأزقة المدينة يستطلعان حياة الناس في الحارات

وتصادف أن كان هناك رجل مخبول كان في يوم من الأيام تاجرا بالمدينة لكن شهبندر التاجر كاد له وحاربه في رزقه حتى افتقر فجال في الشوارع يحتسي الخمر ويحلم بيوم يصير هو فيه حاكما للبلاد لينتقم من عدوه القديم

والتقطت أذن الملك كلمات الرجل المخبول فضحك من أعماقه وقرر أن يتخذ من هذه القصة تسلية عظيمة يروح بها عن نفسه لذالك فقد أمر رجاله فحملوا الرجل السكران إلى القصر قبل أن تشرق شمس النهار وأدخلوه إلى القصر سرا وأرقدوه في سرير الملك دون أن يدري أحد من الحراس أو رجال الحاشية ووقف الملك والوزير بثياب العامة يراقبان الأمر

فلما صحا الرجل من نومه دخل عليه خادم الملك دون أن ينظر إلى وجهه وانحنى عند قدميه وساعده على ارتداء ثياب الملك وأجلسه على كرسي العرش حيث أحاط به الحراس وجلس بين يديه رجال البلاط وأفاق السكران فاعترته الدهشة وهاله اقتناع الناس به فأمر بإقامة الاحتفالات فألتف حوله المطربون والمطربات وهتف الجميع بحياة الملك العظيم صاحب التاج والصولجان فطاب له الأمر

فطاب له الأمر وعزم على الاحتفاظ بالعرش

ويقول كاتب المسرحية أن الملك الحقيقي أراد العودة إلى عرشه لكن الناس لم تعبأ به ولم تعرفه فقد كان ولاؤهم دائما للرجل الذي يلبس ثياب الملك أما شخصه فليس له أهمية تذكر

وبالطبع فإن الكاتب هنا يسخر من جماهير العامة التي تخدعها المظاهر والتي تنظر إلى الثياب دون الشخوص وإلى البريق الخارجي دون الجوهر والأصل

الثياب الخادعة

في أحد معسكرات الألمان وفي أثناء حكم النازي جلس أحد الجنود القدامى في فناء المعسكر يغني طربا فقد حصل على شريط جديد

وفي نشوة السعادة رأى جنديا آخر يدخل بسرعة إلى المعسكر بلا شرائط على ذراعه فناداه في غلظة ووضع ساقا فوق ساق وأمره أن يشعل له السيجار

وتردد الجندي لحظة ثم تقدم وأشعل السيجار لكنه وقبل أن ينصرف نظر إلى الجندي الأول وقال في حزم إياك أن تفعل هذا مع شخص آخر فإنه قد يقتلك

وحين استمع الجندي للصوت أفاق إلى نفسه وأدرك فداحة فعلته وسقط على الأرض فقد كان المتحدث هو الفوهور نفسه أدولف هتلر الذي اعتاد دخول المعسكرات بلا رتب عسكرية

إن الثياب كثيرا ما تخدع عيون الناس فتراهم يعظمون الآخرين أو يستهينون بهم على قدر ما تبدو ثيابهم فاخرة أو متواضعة

لذالك يختبئ الكثيرون وراء ثيابهم الخادعة فهناك لصوص ونصابون يرتدون ملابس الوجهاء ويرتادون أكبر الفنادق والنوادي فلا تحيط بهم الشبهات

وهناك من يتهربون من سداد ديونهم أو ضرائب كسبهم فيرتدون الثياب المتواضعة ويستعيرون مظهر الفقراء البائسين

وعلى الجانب الآخر فقد تلقى فنانا قديرا له في فنه شأن عظيم ولكنه لا يهتم بثيابه فيبدو كالشحاذين أو بسطاء القوم وهو صاحب يد ذهبية كرسام أو عازف أو شاعر …الخ

والثياب أيضا قد تكون ستارا لمن يدع التدين مثلا فيلبس
أردية الرهبان والنساك وقد لا يكون نصيبه من الدين سوى هذه الأغطية التي تستر قلبا غليظا وضميرا موصوما وعينا شريرة

إن الذئاب التي ترتدي ثياب الحملان أشر على الودعاء من الذئاب السافرة

النظر إلى ما وراء الأقنعة

منذ شهور قليلة اشتبه سائق سيارة أجرة في راكبة ترتدي قناعا يخفي وجهها تماما فلما تحقق الأمر اكتشف أنها سجين هارب وهي حيلة معروفة يلجأ إليها الهاربون منذ العصور القديمة وقليلا ما تفلح

ومنذ أيام قرأت عن ضابط شرطة زيف يرتدي ثياب الشرطة ويفتش الناس في الطريق لكنه سرعان ما سقط فعيون الشك تقحم الأقنعة

الغريب أ، بعض الناس يظنون إنهم قادرون على التخفي وراء ثياب الزيف حتى عن عيون الله سبحانه وتعالى فيلبسون ثياب التقوى دون جوهرها

وهناك من يظنون أنهم يرضون الله بارتداء الملابس الخشنة والزهد في الداخل مترفعة متكبرة طامعة

إن عين الله لا تخدع وهو سبحانه لا يرى سوى الحقائق المجردة مهما كانت الأغطية والأقنعة

نحس بالعرى رغم الثياب

عندما أخطأ الإنسان الأول برغبة في الاختباء فقد علم بأنه عريان

إننا قد نظن أحيانا أننا مستورين عن عين الله بسبب التزاماتنا الدينية أو ممارساتنا العبادية وننسى أننا بشر نحمل طبيعة ساقطة ونفسا أمارة بالسوء وجسدا منجذبا إلى الخطيئة

ثم نسقط في غوايات النفس وقد يفتضح أمرنا في عيون الناس أو في عيون أنفسنا وحين ذالك وبرغم الثياب التي نرتديها فإننا نحس بالعري

إن الخطيئة تعري الإنسان وتكشف إدعاءاته وتبين كذب مظهره

ثياب البر

إن الله يعلم أن التخفي وراء مظاهر التدين لا يسترنا لذالك فهو يريد أن يكسونا بثوب حقيقي هو ثوب البر

هذا الثوب ليس رداء يلبسه الإنسان فوق جسده ليخفي خطايا قلبه غير الطاهرة بل هو ثوب روحي يلبسه الله للإنسان بعد ما يطهر قلبه أولا من الداخل

إننا لا نستطيع أن نلقى وجه الله بثياب الزيف ذالك لأن قداسة الله تحرق زيفنا

لذالك فإن الله يضع علينا بره يكسونا بثياب البر حين نعترف بخطايانا ونقر بذنوبنا ونطلب يقين الإيمان بخلجات روحه في قلوبنا

هذه هي الثياب التي لا تبلى

صخرة إنسانية

إلهي

ما أعظم معرفتك

تتغلغل في أعماقي مثل السيف

تفحصني

تعرفني

تخلع عني كل ثياب الزيف

ما من قول لم ينطقه لساني بعد

يخفى عن أسماعك

ما من فكر يخطر في جنبات العقل

لا ترصده سماؤك

عينك تفحصني

تسقط كل قناع فوق جيبني

نورك يكشفني

يفضح كل خفي في ظلمات ظنوني

يظهر في عين الشمس

حبك يدركني

يوقفني في أضواء البر

يسقط عن وجهي أحجبه الستر

يعلن كل خفي بين ضلوعي

يكسف كل دنايا النفس

يظهر شر اليوم وشر الأمس

إني آتي إليك بأثمالي

أثمال الشر

أحمل فوق جيبني

آثام الدهر

أحمل عار سنين العمر

فأستر عريي

إلق علي ثوب البر

حتى يحين يجئ اليوم

لتدعو نفسي إليك

 أدخل بيتك في أثواب الطهر

يا رب

يلبسه الله ثوبا لا يبلى
يلبسه الله ثوبا لا يبلى

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟