مبادئ إنسانية

في كل طرقك أعرف الله وهو يقوم سبلك

10 مبادئ إنسانية

في كل طرقك أعرف الله وهو يقوم سبلك

مسافرون في رعاية الله

تحركت القافلة في قلب الصحراء يقودها الزعيم والساحر والعرافة وكان الزعيم يتولى إلى جانب الرياسة مهمة الدفاع أو الهجوم حسب الحاجة كلما أستدعى الأمر أما الساحر فقد كان يتولى جمع الناس بضرباته السريعة الرتيبة على الطبال الخشبية المزخرفة المشدودة إلى جسده النحيل هذا إلى جانب مهامه الطبية والعلاجية أما العرافة فقد كان لها دور خطير فهي مستشار الرئيس لشئون الأمن وهي أركان حربه تضع أذنه المشورة وتحدد له الطريق وتوحي له بالقرار

ففي كل ناصية وعند مفترق الطرق الزعيم فتتوقف القافلة عن السير ينتزع الساحر فك الأسد المعلق على صدره ويضرب به الطبلة الكبيرة المصنوعة من جلد الغزال ضربات سريعة مضطربة تتخللها صرخات هسترية ثم تتقدم العرافة الصفوف فتلقى في الهواء عصاها السحرية ذات الطرف المسحور فتتعلق الأنظار بالعصا السحرية التي تدور حول نفسها عدة دورات ثم تسقط على الأرض وينظر الزعيم ليرى الاتجاه الذي يشير إليه طرف العصا فيعطي الإشارة فتتحرك القافلة كلها في هذا الاتجاه

وما يفلت النظر في هذا المشهد شيئان: شخصية القائد الذي يسترشد بعصا في الهواء ثم الطاعة والالتزام من جانب الجماعة ولعلنا نجد في هذين العاملين فائدة لنا في رحلة الحياة

أولا: شخصية القائد:

في المثل الذي ذكرناه نجد القائد يعتمد على الرجم بالغيب ويسترشد بعصا تدور في الهواء والوسيط الذي يقوم بهذا الدور الخطير مجرد امرأة جاهلة لا تعرف الطرق معرفة جغرافية ولا تستخدم الوسائل العلمية للاستدلال أو الاستشعار عن بعد.. ألخ ولكنها تقوم على أي حال بدور عظيم هو توحيد فكر الجماعة فلا تتضارب رغباتهم أو تتشابك مصالحهم

ثانيا: الطاعة والالتزام:

وهذا خير ما في الأمر فليس من بين أفراد القبيلة من يعترض
أو يناقش أو يرفض أو يخرج عن الطوع بل ولا يخطر هذا ببال فالعرافة في موضع الثقة التي لا يتطرق إليها الشك والقائد في موضع الكرامة التي لا تمس

ونحن نحتاج في رحلة عمر طال أم قصر أن يكون لنا قائد نسترشد به ونتبع آثار خطواته ونستمتع إلى همساته ونلبي إشاراته وبعد أن رأينا سذاجة وقصور القيادة البشرية فإننا ندرك أنه ليس هناك من يستطيع أن يعبر بنا عالما مليئا بالمتناقضات والآلام والصراعات والأطماع والعقد النفسية ويجتاز بنا رحلة العمر سوى الله خالقنا عالم الغيب الذي يرى من أمورنا ما لا نرى ويعرف عن دواخلنا وأسرارنا ما لا نعرف

كيف نتمتع بقيادة الله؟

لكي نكون تحت قيادة قائد معين لابد أولا أن ننقل أليه ولاءنا وأن يقبلنا بين صفوف تابعيه

والتمتع بقيادة الله لنا لا يتوفر ما لم تسمو حياتنا إلى مستوى تابعيه ونصبح في موضع القبول لديه وفي هذا السبيل نحتاج:

1التوبة

يقول سليمان الحكيم في كل طرقك أعرف الله وهو يقوم سبلك

ومعرفة الله ليست الإيمان بوجوده أو الإدراك العقلي له فهو موجود سواء اعترفنا بذالك أو لم نعترف لكن المعرفة هنا تعني إرضاء الله في كل طرقك أفل ما يرضيه فيصلح طريقك ويقوم خطواتك ويصحح مسارك

الخطوة الأولى هي أن نعرف كيف نرضي الله والطريق إلى إرضاء الله هو طريق التوبة والاعتراف فالله لرحمته بنا يبدأ الطريق معنا من باب التوبة

حيت نتعلم مبادئ العلاقة بالإله القدوس الطاهر الذي ليس كمثله شيء

إنه المتلقي الذي يكشف الله لنا فيه نفوسنا عارية من كل زيف وخداع ويعرض علينا فيه صحيفة سوابقنا وخلجات نفوسنا حصيلة أطماعنا وأحقادنا وشهواتنا القبيحة

هناك يبرهنا بنور قداسته وطهارته المطلقة فإذا خضعنا معترفين بذنوبنا وآثامنا فإنه يرشدنا إلى السبيل الذي به ننجو من نار الغضب الإلهي على الفساد والنجاسة وشرور العالم المتفاقمة ويقودنا في رحلة الحياة والخلود

وإذا تبلدنا واحتمينا خلف أوهام كاذبة أو علل باطلة من حيل الشيطان المحكمة فإن الله يتركنا لشهوات قلوبنا نتخبط في رحلة الغواية حتى الموت والعقاب وبأس المصير

2 الحياة النقية

لن تستطيع سفينتنا أن ترى القائد ما لم يكن الجو صافيا بلا ضباب والخطيئة هي ذالك الضباب الأٍود الكثيف الذي يحجب عنا رؤية الإشارات الإلهية إنها الضجيج الذي يصمم آذاننا فلا نسمع همسات الله إنها البلادة التي تصيب عقولنا فلا نميز الخير من الشر إنها الفاصل الذي يفصلنا عن الله فلا نستمتع بدفء حضوره الدائم

فإذا كنا مازلنا نحيا في أجواء الخطيئة وأهواء النفس فلابد أن نضل الطريق ونسقط في بحيرة الضياع التي ابتلعت الملايين من بني البشر وحينئذ نعلم أن توبتنا لم تكن توبة حقيقية لأن حياتنا لم تتغير فالحياة النقية تشهد للتوبة الحقيقية وبدونها لا نصيب لنا في قيادة الله

3 التسليم والخضوع

كثيرا ما نخدع أنفسنا حين نأخذ إرادة الله ستار نخفي وراءه أخطائنا أو أعراضنا الشخصية فنحن نتبع أهواءنا ونضفي عليها الشرعية بقولنا إنها إرادة الله أو ندفع الأبواب بقوتنا الغاشمة ونتوهم أن الله راض علينا إن الخضوع لإرادة الله يعني التنزه عن الغرض وعدم إتباع الهوى  وتسليم الحياة بين يدي الله ليدفع عجلتها حسب خطته في حياتنا بهذا نحقق غرض الله من خلقنا فنتمتع بقيادته لنا

فإذا لمسنا أننا مازلنا عبيدا لرغباتنا وأطماعنا ولم يملك الله على حياتنا فعلينا أن نشك في انتمائنا إليه ولنعلم أن حياتنا لم تتغير بعد وأننا نسعى في الأرض بإرادتنا وليس بسلطان روح الله فينا فكيف يكون قائدا لنا ؟

4 الانتظار والصبر

حين يتولى الله قيادة حياتنا فهو لعلمه بخفايا الزمن ومعرفته بإمكاناتنا وظروفنا يختار لكل منا دورا يؤديه وزمنا يتحرك فيه لذالك فالله وحده يعرف الجدول الزمني لخطة حياتنا والمواعيد المناسبة للحركة والسكون

ونحن إذا فقدنا الصبر وتعجلنا الأمور فإننا نفقد قيادة الله

ومن الضروري أن نعرف أنه ليس من حقنا أن نتعجل معرفة خطة الله الكاملة في حياتنا فالجندي يطيع أمر قائده فقط ولا يسأله عن تفاصيل الخطة الشاملة فهذا ليس من شأنه ولا من خيره

إن قيادة الله كضوء الشمعة تنير لنا خطوتنا فإذا خطونا خطوة أخرى على الطريق أضاءتها لنا وهكذا خطوة بعد خطوة

إن العجلة قبل انتظار إرشاد الله في أمور الحياة تقود إلى الزلل والخطأ والخطيئة فمثلا: الرد السريع على من يشتمنا أو يتهمنا أو حتى يصفعنا هذا الرد الذي يدفعنا إلى الغضب لا يمكن أن يكون من إرادة الله ورضاه

إن الصبر والحلم والانتظار والثقة في الله شروط أولية للتمتع بقيادته وقلما نتمتع بتلك القيادة لسيطرة ونزعات الجسد علينا

فإذا وجدنا أننا مازلنا نأخذ أوامرنا من نفوسنا الأمارة بالسوء وأجسادنا المتردية في الشهوات فلنعلم أننا بعيدون عن قيادة الله

إن روح الله حين يسكن في القلب فإنه يعطي لنا نعمة لنسلك حسب روح الوداعة والطهارة وطول البال والصبر والتعفف ويثمر فينا الحب والفرح والسلام فإذا وجدنا أنفسنا نزقين ضجرين قليلي الصبر ضعيفي الاحتمال فلنعرف أننا لسنا بعد في صفوف القائد وعلينا أن ندعو الله أن يكشف عنا البلاء وينير أمامنا طريق الحياة

صرخة إنسانية

يا ربنا

أنا سائر في طريق الضياع

ضائع أنا بين جموع الزاحفين في الطريق

الواسع

خدعتني الأضواء الخضراء التي يطلقها

الخادعون والمخدعون

أنا سائر في طريف الهلاك

اهتزت عجلة القيادة في يدي

انحرفت مركبة حياتي

وأنا أنحدر نحو الهوة السحيقة القاتلة

إن الهلاك لم يتم بعد بصورته البشعة

لم تنشر الصحف مأساتي

وصور الحطام

لكن صوت الكارثة التي لم تحدث بعد

يصم أذني

فيا ربنا أدركني

التقطني من بين أنياب الموت المروع

لقد رأيت اليوم ومضة من نورك

وسمعت صدى همسات حبك تدعوني إليك

فأكتشف طريقك للتائه المخدوع

وأرني السبيل إلى الحياة المنتصرة التي تقودها

بيمينك

وإلى الخلود الأبدي الذي تضمنه لتابعيك

يا رب

 

في كل طرقك أعرف الله وهو يقوم سبلك
في كل طرقك أعرف الله وهو يقوم سبلك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟