بريدك اليومي

تحرَّر ليخدم

عندما كنت طالبًا جامعيًا في بلتيمور بمريلاند، كان أعز أصدقائي يعيش مع جدته في قصرها الفخم بالقرب من الحرم الجامعي، ومن بين خدامها كان هناك رجل كبير في السن، كان والداه عبدين لعائلتها قبل تحريرهما بإعلان لنكولن لتحرير العبيد.

وعندما روى لي ذلك تساءلت لماذا اختار هذا الرجل أن يخدم تلك العائلة التي استعبدت والديه؟! وبإجابة الرجل قدَّم لي شرحًا لخروج 21: 5، 6 إذ قال: ”لقد أحبَّ والداي هذه العائلة جدًا، لذلك عندما كانت لهم حرية العتق والخروج اختاروا أن يبقوا“.

قلت إنني أستطيع فهم هذا الاختيار من قِبَل والديه، لكن ليس من قِبَله هو، حيث كان بإمكانه فعل الكثير بحياته، فاعترف الرجل أنه فكَّر في الرحيل عندما كبر، لكنه قرر في النهاية أن يبقى خادمًا لهما: لقد كان سيده عطوفًا، وكانت معيشته ميسورة، والقوت والرعاية التي تلقتها عائلته كانت ممتازة، فأين له أن يجد كل هذا، إلى جانب المحبة! وأضاف: ”إن سيدي الكريم قد أكرمني بكل ما يتمناه الآخرون، وكان كل ما عليَّ فعله هو أن أخدمه. أنا لا أستحق كل ما أعطاني، إلا أنه أصبح ملكي لأتمتع به“.

لقد استعَدت كلمات هذا الرجل الشيخ بعد سنين هذا عددها وأنا أتأمل ما يقوله الكتاب عن شخصية المسيح كالخادم، وعن صيرورتنا عبيدًا.

كما أني أتذكر أيضًا إجابته عن تساؤل آخر: ”ماذا تتكلَّف لتكون خادمًا أمينًا؟“ لقد كان جوابه عميقًا وبسيطًا في آن: ”فقط أن أفعل ما يقوله السيد“. وعندما سألته من أين تعلَّم هذا الدرس؟ أجاب بدون تردد: ”من والديَّ، ومن الكتاب المقدس“. وبينما يُعتبر اللهث وراء الشهرة والثروة شَركًا، إلا أنه بإمكاننا أخذ درس من هذا الخادم، حيث إن الحياة التي اختارها هي مَثَل حقيقي لبركة الخدمة: «مَنْ أرادَ أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا، ومَنْ أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبدًا، كما أن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدم، وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين» ( مت 20: 26 -28). أتمنى أن يساعدنا الرب لنكون خدامًا أفضل.

ليتني أقضي زماني خادمَ الفادي الأمينْ
باذلاً جسمي وروحي وقوى عقلي الثمينْ
إذ فدانـي إذ فدانـي ذاكَ بالدمِ الكريـمْ

لاري أوندرجاك

تحرَّر ليخدم
تحرَّر ليخدم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟