بريدك اليومي

المؤمن ومكان راحته

مَنْ هَؤُلاَءِ الطَّائِرُونَ كَسَحَابٍ وَكَالْحَمَامِ إِلَى بُيُوتِهَا؟ ( إشعياء 60: 8 )

هناك غريزة مُميَّزة في الحَمَام، وهو أنَّه يألف بيته وعشه، ولا يرضى بغيره بديلاً! فالمكان الذي نشأ فيه أصبح جزءًا من كيانه لا يمكنه الابتعاد عنه، إذ تستطيع الحمامة أن تستشعر موضعها وتحدد اتجاهها مهما بعدت عن مكانها؟

لكن أَلا نجد فينا نحن المؤمنين ما يُشبه هذه الصفة أو الغريزة؟ فنحن لنا موضع محدد لا ينبغي علينا أن نُخطئه، وهذا الموضع يتميز عن كل ما عداه، إذ فيه نستشعر حضور الرب ذاته حيث كل غناه وبركاته، وأيضًا رضاه، وهذا الموضع هو واحد، وإن اختلفت الأزمنة والأوقات، إنه بيت الله على الأرض! والأمر الجدير بالانتباه أنه على مرّ التدابير لم يكن لله على الأرض في زمن واحد أكثر من بيت واحد! وأيضًا على مرّ العصور والأجيال لا يجد القديسون مقرًا يستريحون فيه ويجدون فرحهم وسرورهم إلاَّ في هذا الموضع.

لقد اضطر داود في يومه أن يبتعد عن بيت الله، والذي كان آنذاك ”خيمة الاجتماع“، ويعيش في الكهوف والبراري، غير أنه كالحمامة المشتاقة إلى موضعها والتي لا تستريح إلاَّ فيه، نسمعه يهدر بقلب مليء بالشوق والحنين منشدًا أنشودته: «يا الله إلهي أنتَ. إليكَ أُبكِّر. عطشت إليكَ نفسي، يشتاقُ إليكَ جسدي في أرضٍ ناشفة ويابسة بلا ماء، لكي أُبصِر قوتكَ ومجدكَ. كما قد رأيتُكَ في قُدسِكَ» ( مز 63: 1 ، 2 انظر أيضًا مز27: 4).

وإن كان هذا اختبار داود الفردي، وكانت هذه هي أنشودته، فنحن نستمع في مزمور آخر أُنشودة ”سرب“ من الحمام، حُرم من بيت الله، عندما أُخذ إلى السبي بعيدًا عن مكانه: «كما يشتاقُ الإيَّل إلى جداول المياه، هكذا تشتاقُ نفسي إليكَ يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي. متى أجيءُ وأتراءى قدام الله!» ( مز 42: 1 ، 2). لقد كان بنو قورح بحق يُقدِّرون بيت الله، ويكنُّون له كل محبة وإعزاز، ولايجدون له نظيرًا أو بديلاً!

وإن كنا نرى في الاجتماعات إلى اسم الرب مظهرًا لبيت الله، فإلى أي درجة نتمِّم وصية الرسول بولس: «غيرَ تاركين اجتماعنا كما لقومٍ عادة، بل واعظين بعضنا بعضًا، وبالأكثر على قدر ما ترون اليوم يَقرُب» ( مز 122: 1 )؟ ليت تقديرنا لله ولبيته يزداد، ونردِّد على الدوام مع داود: «فرحتُ بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب» (مز122: 1).

عاطف إبراهيم

المؤمن ومكان راحته
المؤمن ومكان راحته
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟