بريدك اليومي

نعمة تجود بالإحسان

في سفر أستير نرى فضائل النعمة كجواهر زانت إكليل نجمة فارس هيبة وجمالاً. نعمة تفيض بالإنعام وترفع المقام. وهناك سؤالٌ يطرح نفسه: لماذا وقع الاختيار على أستير لكي تُتوَّج ملكة مكان وشتي التي عزلها أحشويرش، بينما لم تحظَ بذلك الامتياز واحدة أخرى مِن كل الفتيات الجميلات من كل الجنسيات والخلفيات في كل الإمبراطورية؟ الكتاب المقدس لا يذكر أنها كانت الأكثر جاذبية وجمالاً على الإطلاق. وكانت فتاة صغيرة ليس لديها خبرة في الحياة، لا تملك مواهب فذة مُتميزة، مسبية تعيش في وطن غريب، فقيرة وبسيطة لا تُحسَب بين بنات الأصول كبنات أشراف فارس، يتيمة ليس لها سوى مردخاي الأمين الذي أحسن رعايتها وتربيتها. بمنطق الناس، لا يوجد سبب قوي يجعلها تفوز على جميع المتسابقات المتنافسات في تلك المسابقة الملكية التاريخية. ما السبب إذًا في ما وصلت إليه؟! الجواب ببساطة: إنها النعمة والإحسان الإلهي. ففي الأصحاح الثاني يتكرر 3 مرات القول: «نالت نعمة»: «وحَسُنَت الفتاة في عينيه (هيجاي حارس النساء) ونالت نعمة بين يديه … وكانت أستير تنال نعمة في عيني كل مَن رآها … فأحبَّ الملك أستير أكثر من جميع النساء ووجدت نعمةً وإحسانًا قدامه» (ع9، 15، 17). وكأنه قرار ترنيمة عذبة حلوة تردد كلماتها أفضال نعمة إلهنا. يا له من إحسان يعجز عن وصفه لسان!

وفي وقت المِحنة التي تعرَّض لها شعبها نادت أستير بصوم، فنظر الرب إلى مذلة الشعب، ومدّ يده الرحيمة لهم، وبذراعه الرفيعة أنقذهم بنعمته. وسريعًا ما تغيَّر الحال؛ تبدَّل الذل والانكسار بفرح وانتصار، والضعف تبدَّل بالقوة. نعم. أُنتزع خوفهم، ووقع رعبهم على أعدائهم «قِسي الجبابرة انحطَمَت، والضعفاء تمنَطقوا بالبأس» ( 1صم 2: 4 ).

يا لها من نعمة تعوِّض عن الآلام والأنين وأتعاب السنين! والتعويض لا يُقاس بمقدار التضحية والألم، بل تفوَّق وفاض حسب كرم الرب الذي في ملء نعمته يُحسن إلى شعبه، رغم أن الرب يبدو غائبًا عن المشهد، لكن نعمته لم تتخلَ عنهم في وقت محنتهم. يا له من إله كريم يجود بالإحسان! وحتى في أوقات ضعف الشهادة لا يمنع عنا جوده ونعمته، ولا يسد أذنيه عن صراخ عبيده. نجَّاهم وأسعدهم، بدَّل النوح والعويل بالفرح والتهليل. وعوَّض عن الذل والأصوام بولائم وإكرام.

أيمن يوسف

نعمة تجود بالإحسان
نعمة تجود بالإحسان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟