بريدك اليومي

اذهب واغتسل

إن الأساس الوحيد لسلام النفس هو «يسوع وحدَهُ»، وهو الذي يجب أن يأخذ كل ثقة قلوبنا لأن فيه لنا كل شيء، ومعه لا يُعوزنا شيء. ولكنه يصعب على القلب البشري أن يُصدِّق أن لا شيء يُؤهلنا للانتفاع بالمسيح إلا معرفتنا بخرابنا التام، وأنه لا لزوم للانتظار حتى نُصلح ذواتنا لأنها لن تُصلَح إصلاحًا يؤهلها لمقابلة الله والوجود في السماء. إن الجسد مهما تهذَّب وأصبح متدينًا، فلا يزال بعيدًا عن الله وعن البر وعن السماء بُعده وهو في أشر صوَره وحالاته.

هذا الكلام صعب، ولكنه صحيح، ويجب علينا أن نتحقق صحته. إنه من المهم جدًا أن يفهم القارئ العزيز أنه ليس المطلوب إصلاح الذات، بل حياة جديدة بجملتها، وهذه الحياة هي في المسيح. فيجب عليه إذًا أن يتخلَّص من كل أمل ورجاء في طبيعته الفاسدة، ويتخذ المسيح الكل في الكل له. اذهب بالجسد أي مذهب أردت، فإنك لن تستطيع أن تجعله صالحًا لله وصالحًا للسماء. الجسد لا يستطيع أن يعيش في السماء ولا يستطيع أن يستنشق هواءها المقدس، فمن العَبث أن تحاول إصلاح ما دانه الله وأبطله، لأنه وجده فاسدًا غير قابل للإصلاح.

إن موقف نعمان بحاشيته العظيمة عند باب نبي الله أليشع يُمثل أمامنا منظر الخاطئ المعتمد على مجهوداته وبره الذاتي. فحَسب الظاهر كان له كل ما يتمنَّاه القلب، ولكن في الحقيقة كان كل ذلك عديم القيمة والنفع، وسرعان ما أوضح له النبي ذلك، فالرسالة البسيطة المُختصرة التي بعث إليه بها «اذهب واغتسل» هدمت كل ثقته في الذهب والفضة والثياب والحاشية وخطاب الملك وكل شيء، وجرَّدته من كل شيء، وأنزلته إلى مركزه الحقيقي كأبرص نجس مسكين محتاج إلى الاغتسال، ولم تعمل أي فارق بين رئيس جيوش أرام وأفقر أبرص في إسرائيل، لأن الثروة لا تستطيع أن تعالج خراب الإنسان، والفقر لا يستطيع أن يمنع علاج الله. وهكذا أعمال الإنسان الرديئة لا تستطيع أن تحول دون نواله الخلاص ودخوله السماء، وأعماله الحسنة لا تستطيع أن تؤهله لدخولها، بل العلاج الوحيد في كِلتا الحالتين: «اذهب واغتسل».

لو لم يُحبَّني المسيحْ ما كان أشقاني
طَهَّرَني ذاكَ الذبيحْ مِن كلِّ أَدْراني

دينيت

اذهب واغتسل
اذهب واغتسل
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟