اسئلة واجوبة

لماذا لا يمكن أن يأتي نبي بعد المسيح؟

نبدأ هذا المقال بالإجابة على فكرة منتشرة حولنا:

إن يسوع ليس الوحيد الذي دعي مسيح الرب، يوجد أيضًا أناس آخرين دعو بهذا الاسم!!

إن الكتاب المقدس استخدم كلمتين، متشابهتين:
الأولى كلمة “مسيح”، دون “أل” التعريف، والثانية “المسيح”، مع “أل” التعريف.

إن جميع الاستخدامات في العهد القديم لكلمة “مسيح”، كانت دائمًا مضافة إلى الرب؛ مثل: “مسيح الرب” “مسيحه” “مسيحك” “مسيحي”. فأول من دعي مسيح الرب كان شاول الملك (١ صموئيل ١٢: ٣)؛ وبعده الملك داود (٢ صموئيل ١٩: ٢١)؛ وبعده الملك سليمان (٢ أخبار ٦: ٤٢)؛ وبعدهم الملك كورش (أشعياء ٤٥: ١). وتعني من النصوص، الملك المعين الذي يختاره الله لمهمة معينة، بهدف تحقيق خطته من جهة ملكوته.

أما كلمة “المسيح” مع “أل” التعريف، فوردت مرتين في العهد القديم فقط؛ وتعني، الوحيد، الفريد، الذي ليس غيره أحد. فأبرز العهد القديم أن المسيح لن يكون كباقي الأنبياء، لكنه سيكون شخصية فريده تمتاز على جميع الأنبياء. وتتكلم عن شخصية تأتي في أواخر الأيام؛ كما سنرى من خلال توضيح هذا الشعار في نصوص الكتاب المقدس.

النصوص التي ذكرت كلمة “المسيح” في العهد القديم:

وهي في نبوءة دانيال التي كانت حوالي ٥٠٠ عام قبل المسيح:
” ٢٥  فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ.” دانيال 9.
لقد تمَّ الأمر لتجديد أورشليم في ٤ / ٣ / ٤٤٤ قبل الميلاد (نحميا 2: 1-8)؛ 69 أسبوع سنين أي 483 سنة أو 173880 يوم ( السنة النبويَّة هي 360 يوم) وهذا يقودنا تقريبًا إلى ذكرى دخوال المسيح لأورشليم في ٢٩ / ٣ / ٣٣م [١] كما تنبَّأ الكتاب عن هذا الحدث العظيم في تكوين 49: 10-11  وزكريَّا 9: 9-11.

وأكدت النبوة أنه بعد مجيء المسيح الفريد، سيموت، وتخرب مدينة أورشليم من بعده:
” ٢٦ وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ (أي يموت) وَلَيْسَ لَهُ، وَشَعْبُ رَئِيسٍ آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ، وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ، وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا.” دانيال ٩.
كما حدث تمامًا عندما جاء القائد تيطس وأخرب أورشليم سنة ٧٠ ميلادية، وطرد اليهود منها.

أيضًا تقول النبوة أن المسيح سيأتي بكفارة الاثم؛ وحل البراءة من الخطية الأبدي؛ وسيختم أسفارا النبوة:
“٢٤ سَبْعُونَ أُسْبُوعًا قُضِيَتْ عَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى مَدِينَتِكَ الْمُقَدَّسَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَعْصِيَةِ وَتَتْمِيمِ الْخَطَايَا، وَلِكَفَّارَةِ الإِثْمِ، وَلِيُؤْتَى بِالْبِرِّ الأَبَدِيِّ، وَلِخَتْمِ الرُّؤْيَا وَالنُّبُوَّةِ، وَلِمَسْحِ قُدُّوسِ الْقُدُّوسِينَ.” دانيال ٩.

إذًا الله لم ينزل ديانات كما يظن البعض؛ بل أوجد طريقًا واحدًا للحياة والخلاص من خطيَّة آدم، وهذا الطريق هو المسيح. والمسيح كما قالت النبوة، سيأتي ويموت، ويقدم الحل الأبدي للخطية، بتبرئة الإنسان منها؛ وسيختم أسفار النبوة.

لذلك المسيح هو هدف كتب الوحي ورسالة الأنبياء:

إن كل ما كتب في الكتب المُقدَّسة وكل الناموس والأنبياء وكل شيء، وضع من الله بهدف أن يقود البشر إلى المسيح المخلص:
” غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن ” رومية 10: 4
إن كلمة الله بالنسبة لنا لم تُصبح كتابًا بل جسدًا (يوحنا 1: 14)، لذلك نحن لا نفتخر بكتاب بل نفتخر بالرب (1 كورنثوس 1: 31  و2 كورنثوس 10: 17). لأن المهم هو ليس الكتاب، بل هدف الكتاب وهو يسوع المسيح؛ الذي هو إعلان الله الكامل للبشريَّة.
قال المسيح أيضًا للفريسيين الذين يعتقدون أنَّ الكتب والأنبياء هي غاية الله (التوراة):
” فتِّشوا الكتب لأنكم تظنُّون أنَّ لكم فيها حياة أبديَّة، وهي تشهد لي. ولا تريدوا أن تأتوا إليَّ لتكون لكم حياة ” يوحنا 5: 39: 40
” وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قُدَّام التلاميذ لم تُكتب في هذا الكتاب. وأمَّا هذه فقد كُتبت (بأي هدف؟) لتؤمنوا أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم حياة إذا آمنتُم باسمه ” يوحنا 20: 30-31.

لذلك جميع الأنبياء تمنوا بأن يروا المسيح:

” فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.” متى ١٣: ١٧.

والمسيح هو الطريق الوحيد المُعيَّن للحياة:

قال المسيح: “.. أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلاَّ بي.” يوحنا 14: 6.
لذلك كان الناس في معظم الأحيان، يدعون أتباع المسيح أتباع الطريق (أعمال 9: 2  و19: 9 و23  22: 4  و24: 14 و22).

لذلك كان مجيء المسيح محاط بالفرح والتهلل:

كأنشودة زكريَّا، لوقا 1: 67-79 ؛  وأنشودة أليصابات، لوقا 1: 41-45 ؛  وأنشودة مريم العذراء، لوقا 1: 46-55 ؛  وأنشودة كل ملائكة السماء، لوقا 2: 13-14 ؛  وأنشودة سمعان الشيخ، لوقا 2: 28-32 ؛  وأنشودة مريم النبيَّة، لوقا 2: 38 ؛  وأيضًا المجوس الذين قطعوا أشهر من السفر ليسجدوا للمولود الملك، ولمَّا رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيمًا، متى 2: 10-11.

المسيح هو الإعلان الأخير ولا يمكن أن يأتي أي نبي بعده:

الأنبياء إلى يوحنا تنبأول:
لقد أعلن المسيح بنفسه أن رسالة جميع الأنبياء انتهت بيوحنا المعمدان، أي أن يوحنا المعمدان كان هو خاتمة الأنبياء، حيث قال:
” لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.” متى ١١: ١٣  ولوقا ١٦: ١٦.

أخيرًا أرسل ابنه:
لذلك شبه المسيح الأنبياء بالعبيد الذين أرسلهم صاحب الكرم ليأتوا بالثمر من الكرامين؛ أما المسيح فقد شبه نفسه بإبن صاحب الكرم، ووارث الكرم:
” ٣٣ «اِسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34 وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35  فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36 ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37 فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39 فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. ” متى ٢١.

فمن قوله “فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ” أعلن المسيح أنه هو الإعلان الأخير، وأعلن أن الكرامون قد أخرجوه خارج الكرم وقتلوه؛ ظنًا منهم أنهم سينجو بفعلهم هذا من سلطان الله؛ فنرى بعدها أن صاحب الكرم (الله) أنزل دينونته بهم، ولم يرسل عبيد أخرين (أي أنبياء) بعدما قتلوا ابنه الوحيد.

بالمسيح بدأت الأيام الأخيرة:

ويؤكد الكتاب أن الله بعد أن أنهى رسالة الأنبياء وكلم الآباء بهم، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه المسيح:
” الله بعدما (إنتبه لهذه الكلمة) كلَّم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطُرق كثيرة. كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثأ لكلِّ شيء الذي به عمل العالمين.” عبرانيين 1: 1-2.

إذًا بالمسيح بدأ عصر جديد يسمى الأيام الأخيرة، التي ستنتهي بمجيء المسيح الثاني ليدين الأموات والأحياء. لذلك ميز المسيح نفسه عن جميع الأنبياء بقوله أنه أعظم من يوحنا المعمدان (يوحنا ٥: ٣٥)؛ وأعظم من النبي يونان والملك سليمان (متى ١٢: ٤١-٤٢)؛ وأعظم من موسى (يوحنا ١: ١٧)؛ وأعظم من إبراهيم (يوحنا ٨: ٤٠  و٥٨)؛ ورب الملك داود (متى ٢٢: ٤٢  ومرقس ١٢: ٣٥  ولوقا ٢٠: ٤١؛ تعقيبًا على مزمور ١١٠).

إذا الله لم ينزل ديانات؛ ولم ينزل حتى ديانة واحدة، بل أوجد طريقًا واحدًا للخلاص من خطية آدم؛ وهذا الطريق هو المسيح. لذلك نحن لا ندعو الناس للدين المسيحي، بل ندعوهم لقبول المخلص يسوع المسيح. فالمسيح هو هدف خدمة الأنبياء؛ وهدف الكتاب المقدس، والخليقة كلها. لذلك من المستحيل أن يأتي أي نبي بعد المسيح؛ لأنه إذا كان هو الهدف الذي وُجِدَ الأنبياء لأجله، وتحقق الهدف؛ فما الحاجة بهم بعد؟؟

[١] إن كلمة “أسبوع” بحسب سفر دانيال تعني سبع سنين، لأن دانيال عندما يريد أن يقول أسبوع عادي، يقول “أسبوع أيام” (راجع مثلا دانيال ١٠: ٢).

لماذا لا يمكن أن يأتي نبي بعد المسيح
لماذا لا يمكن أن يأتي نبي بعد المسيح

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟