مبادئ إنسانية

يملأ الله يده بالعطاء

18 مبادئ إنسانية :

إن إنسانا يضع نفسه في يدا الله

يملأ الله يده بالعطاء الذي لا تحده فواصل الأخوة البشرية

قال الطبيب الياباني: وهو ينظر إلى الشاب الممدد أمامه ” إن هذا المسكين مصاب بالدرن الرئوي وإنه في مرحلة متأخرة جدا ولا يرجى له أن يعيش أكثر من شهور معدودة”

وقبل أن ينطق الطبيب بهذه الكلمات القاسية كان الشاب الياباني ” تو يو هيكو ككاجاوا” محاطا بعدد من أصدقائه الشبان لكنهم سرعان ما انفضوا من حوله في اللحظة التي اكتشفوا فيها أنه مصاب بمرض خطير شديد العدوى

ولم يكن  باستطاعة شاب صغير مثله أن يقاوم مرضا كان يعتبر في زمانه مرضا مميتا ميئوسا منه لذالك فقد ترك وحيدا في انتظار يومه الأخير في كوخ موحش من أكواخ صيادي الأسماك لا يزوره فيه أحد

لكن رجلا واحدا من رجال الدين يعدى د.  هاري مايرز ذهب إلى الكوخ وبات بجواره أربعة أيام كاملة يشاركه فراشه بالليل  ويخدمه بالنهار ولم ينقطع عن زيارته قط إلى أن من الله عليه بالشفاء

ويقول كاجاوا: لقد سألت الرجل الطبيب قائلا ألست خائفا مني وأنا أسعل وأتنفس معك في هذا الكوخ الرطب الصغير؟ فقال رجل الدين إن مرضك معد لكن مرض المحبة أشد

لقد كان مايرز أكثر من أخ شقيق لهذا الشاب اليائس حتى أنتصر على المرض لكن القصة لم تنته عند هذا الموقف الطيب إذ قد أخذ كاجاو على عاتقه أن يقدم نفس هذا الحب لإخوته من العمال المحتاجين في الأحياء الفقيرة ويقول في ذالك لقد صممت أن أحب بني وطني الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة والأكواخ القذرة كما أحبني الدكتور مايرز وٍسأعمل هناك الله أقصى ما أستطيع من الأعمال التي لا يرغب غيري في القيام بها

حتى أجعل سكان تلك الأحياء يشعرون بقيمتهم وأهميتهم في نظر الله

وأنتقل كاجاو ليسكن وسط فقراء العمال في غرفة صغيرة مهجورة مساحتها أربعة أمتار مربعة في هذه الغرفة عاش الشاب مع عروسه أربع عشرة سنة كاملة يعانيان المشاكل نفسها التي يعانيها البؤساء ويتعرضان لهجمات لا تنقطع من السكارى والخارجين على القانون

وفي هذه الغرفة أستضاف شحاذا منبوذا مصابا بالرمد فانتقل الرمد إلى عينيه

لكن كاجاوا العظيم أصبح معروفا في الأوساط العالمية ظل يكافح إلى جوار الفقراء وكتب عنهم أرعين كتابا يدافع عن حقوقهم بينما كان بعضهم يعتدي عليه بالضرب واللكم حتى استطاع تحسين ظروفهم

لقد كان كاجاو أخا لجميع الفقراء المعدمين فصار أقرب إليهم من أشقائهم ذالك لأن الله علمه معنى الإخوة الشاملة التي تتسامى فوق الخلاقات الطبقية والأنساب البشرية وصلة القرابة والدم والوراثة

لقد كتب كاجاوا في إحدى قصائده يقول

هناك خطة خفية يعرفها الله

وهي مخبوءة في يدي

ويدي كبيرة.. كبيرة

بسبب هذه الخطة الخفية

للأشياء التي سيفعلها الله للعالم

مستخدما يدي

إن إنسانا يضع نفسه في يد الله

يملأ الله يده بالعطاء الذي لا تحده

فواصل الأخوة البشرية

أشقاء لكن أعداء

يفترض الناس أن يكون الأخ الشقيق أقرب البشر إلى شقيقه أو شقيقته فقد ولد في بيت واحد ورضعا لبنا واحد وإجتاز ظروفا واحدة وكانت لهم أحلاما بيتية مشتركة وتطلعات بيئية واحدة

ويفترض في الشقيق أن يكون أول من يسرع إلى مساعدة شقيقه وآخر من يجور عليه أو يظلمه

لكننا كثيرا ما نجد الخلاف الحاد بين الأشقاء في مختلف مراحل العمر فالصغار يتشاجرون من أجل أِياء صغيرة والكبار يتباعدون من أجل خلافات بسيطة

وكثيرا ما تصل الخلافات إلى حد التقاضي أو التشاجر أو القطيعة الكاملة بل أنها تتصل أحيانا إلى التشابك بالأيدي أو التهديد بالقتل أو القتل نفسه

وليس هذا الخلاف بين الأخوة وليد انتشار الشر في عالم القرن العشرين هذا القرن الموصوم بالمادية الجارفة بل أنه قائم منذ بدء الخليقة فقد قام أحد أبناء أدم وحواء بقتل أخيه في فجر التاريخ ولا زال هذا الحدث المؤسف يتكرر في كل العصور

فالإنسان بطبيعته الجسدية أناني يريد أن يتميز أن يكون أفضل من غيره ولو كنا أخاه وهذه الرغبة الأنانية في الصعود والتميز كثيرا ما تطغى على أحاسيس الحب الكامن الذي فرضته المعاشرة الطويلة بين الأشقاء

أِقاء لم تلدهم أمهاتنا

إذا كان الصراع بين الإخوة الأشقاء صورة قاتمة فعلى الجانب الآخر فإن الله الذي يغير القلوب قد جعل في عالمنا أشقاء لم تلدهم أمهاتنا

هل يمكن أن تتجاهل رجلا كالبرت شفايترز الذي ترك بلاده ليعيش بين مرضى الجذام في قلب القارة المظلمة يحنو عليهم حيث لا حنان ويداوهم حيث يهرب الأشقاء وظل يخفف الألم حتى أصابه الجذام فمات بينهم تحت غطاء الحب الذي جعله يشاركهم كل شيء

هل ننسى د. ولفريد جرنفل الطبيب الشاب الذي ترك دفء بلاده ليذهب إلى الصيادين الفقراء في شمال الأطلسي يعالج مرضاهم ويعلم أطفالهم لمدة خمسين سنة ويسافر مسافات شاسعة بين الثلوج على مزلجة تجرها الكلاب ليساعد صيادا فقيرا

هل تغيب عن الذاكرة أيضا سكادر الفتاة التي قضت 65 سنة تدريب الفتيات الهنديات الفقيرات في مدرسة الطب وتعالج سنويا مئة ألف مريض ليلا ونهارا قائلة إن الله هو الذي دعاني ويعرف أكثر من أي شخص آخر أين يجب أن يقضي الإنسان حياته

هؤلاء وآلاف غيرهم أخوة أشقاء لم تلدهم أمهاتنا عرفوا لونا من الإخاء الروحي الذي لا يعرفه الكثيرون

الأخوة الروحية

عندما خلق الله الجنس البشري فإنه ميز هذا الجنس دون غيره من المخلوقات بالعقل الواعي وبالإرادة الحرة والضمير الذي يميز الخير والشر

لكن الإنسان بالرغم من كل هذا أستعبد نفسه للأنانية وحب التملك حتى طعنت أطعامه على عواطفه وغيرته على حبه وأصبح لا يقيم اعتبارا كبيرا لصلات القرابة والأخوة

لذالك فإن الله إفتقد هذا العالم الرازح تحت مطالب رغباته الجسدية والذي تعذبه الأطماع والتقاتل والخيانة ففتح لنا بابا آخر للعلاقات الأمنة التي لا تحكمها شهوة المطامع الجسدية بل تؤثر فيها قوة أكبر هي قوة روح الله التي تسمو بها فوق المطامع الدنيوية فتخلق الإخاء الروحي الضائع في عالم الجسد

فهؤلاء الذين اختبروا عمل روح الله القدوس في قلوبهم تغيرت ميولهم وارتفعت أبصارهم عن أطماع الأرض وأخذوا من روح الله الذي فيهم طبيعة الحب لكل الناس حتى الأعداء والعطاء لكل الناس بغض النظر عن القرابة أو الصلة البشرية

إنهم أشقاء لكل محتاج يفضلونه على ذواتهم ويمنحونه ما يحرمونه على أنفسهم يفتدونه بأرواحهم ويستمتعون بالحرمان الذي يفني غيرهم

هذه لمسة الله فيهم وطبيعته التي تنعكس عليهم وروحه الذي يفيض فيهم حبا وعطاء

وهذا شيء آخر غير التدين وممارسة الطقوس الدينية والتحلي بالقيم الأخلاقية.. الخ ذالك لأننا كثيرا ما نرى المتدينين الذين يمارسون العبادة بانتظام نراهم أنانيين طماعين ماديين قساة المشاعر لا يختلفون كثيرا عن كل البشر

الحاجة إذن إلى مجتمع روحي خليقة جديدة يحركها روح الله قلوب تتغير تغيرا روحيا لا شكليا تصنع سماء على الأرض

هذه هي الأخوة الروحية المفقودة التي يحاول الكثيرون الوصول إليها عن طريق التهذيب والتدين  بلا فائدة

وهذه هي الأخوة الروحية التي اختبرها كثيرون من قبل فكانوا رحمة وسلاما في عالم جاف معذب

فهل تريد أن يغير روح الله قلبك فتصبح أخا محبا شقيقا لكل الناس؟

صرخة إنسانية

يا رب

إني أحس بقيد يربط يدي

فلا أعط إخوتي ما يحتاجون

وأحس بقيد يثقل قدمي

فلا أسارع لإغاثة المعذبين

أعلم أن آلاف البشر يهلكون

بالجوع والمرض والكوارث

لكنني أتنعم بكل ما أشتهي

وحتى هذه اللحظة

لم أعط قطرة من دمي

لمريض يحتضر

لم أقسم عشائي

مع طفل يتضور جوعا

لم أفسح فراشي

لأخ شريد تهدم بيته

لم أخلع بعض أثوابي

ليستدفئ بها فقير معدم

لم أمنح مقعدي

لشيخ أو أم تحمل طفلا

كثيرا ما أزاحم الآخرين

لأحصل على أفضل الفرص

إنني أحسب نفسي متدينا

أصلي وأصوم

وأحفظ الأدعية عن ظهر قلب

لكنني عاجز عن الفناء

من أجل الآخرين

لم أختبر الأخوة الروحية

والعطاء بلا حدود لمل الناس

هناك شيء ينقصني

شيء يحررني من قيود الجسد

أحتاج القوة المحررة

قوة روحك القدوس

فأكشف لي طريق التحرر

من قوالب الفكر الجامدة

فأترك عبث العبادة الجافة

وأعرف معنى الانتماء إليك

والحياة فيك

فإذا ما انتهت أيامي هنا

أصعد إلى سمائك

يا رب

يملأ الله يده بالعطاء
يملأ الله يده بالعطاء

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟