مبادئ إنسانية

ما أحلى وما أغنى الحياة مع الله

14 مبادئ إنسانية

ما أحلى وما أغنى الحياة مع الله

فهو لا يعوز أتباعه شيئا من الخير

إن الله يقف وراء السحاب ليرعى الذين يسيرون أمامه إن لم يروه

قد يبسط الله لنا الرزق لخيرنا وقد يحجبه عنا أيضا لخيرنا

إننا نرى احتياجاتنا فقط لأنها محسوسة ولا نرى عناية الله لأنها لا تدرك بالحواس

الله يرانا بأوضح مما نرى أنفسنا ويرى احتياجاتنا الحقيقية التي لا تراها عيوننا

إن حاجة النفس للشبع وفقر الروح لمعرفة الله أهم بكثير من الحاجات المادية

حين يقدم الله الطعام فإنه يقدم معه السلام أيضا فيشبع العقل والقلب والنفس

كل الحاجات البشرية تتضاءل أمام دفء محبة الله التي تمنح الطمأنينة والسلام

كانت الإعرابية الفقيرة نائمة في خبائها ليلا حين ثارت الرياح فجأة واجتاحت العواصف العاتية وجه الصحراء لتضرب بقسوة خيام البدو الفقراء وظلت الريح تنهش جسد القبيلة حتى الصباح

وقبل أن تفيق الأعرابية من ذهولها ورعبها كانت الريح قد اقتلعت أوتاد خيمتها وعصفت بما فيها من أثاث قليل وطعام ضئيل

وحين هدأت الريح وأطلت خيوط الفجر تطلعت الإعرابية لترى ما فعلت الرياح بنعجتها وبخيوط مغزلها فإذا بالخيوط مطمورة والنعجة نافقة

و يالها من كارثة لامرأة فقيرة تفقد المأوى والمأكل والرفيق وكل أسباب البقاء في ليلة واحدة

وتطلعت المرأة حولها فلم تجد من تستجير به أو تلوذ إلى حماه فرفعت وجهها إلى السماء وسكبت آلام قلبها على عتبات الله ثم ابتسمت قائلة : “والآن يا إلهي إن كنت قد فعلت ما فعلت فابحث لنفسك عن طريق آخر تطعمني منه”

لقد أدركت الإعرابية الفقيرة أن أسباب وجودها وبقائها ومعاشها مضمونة في يد الله الذي خلقنا لنعيش في حماه وأنه هو سبحانه الضامن للخير والحياة

يرانا وإن كنا لا نراه

قال أحدهم ” إن الله يقف وراء السحاب ليرعى الذين يسيرون أمامه وإن كانوا هم لا يرونه لكنه هو يرى ويراقب ويرتب الأشياء ويدبر الحاجات المختلفة التي يحتاجونها ويضعها في أماكنها على خريطة الزمن”

وقد يبسط الله لنا الرزق ليخيرنا وقد يحجبه عنا أيضا لخيرنا فهو يعلم ما يقودنا إليه الغني وما تقودنا إليه الحاجة فجميعها خطوات في برنامج إلهي لخير بني البشر

والله قادر أن يغنى الجميع فله خزائن الأرض والسماء لكنه يغني من يشاء ويفقر من يشاء لأسباب في عمله الواسع لكنه إن أغنى وإن أفقر فإنه يرعى الفقير كما يرعى الغني ويتعهد الاثنان بحبه الصادق والحنون

ولكننا نرى احتياجاتنا فقط وإن كانت وهمية ذالك لأنها محسوسة ملموسة ولا نرى عناية الله مع أنها حقيقة واضحة ذالك لأنها لا تدرك بالحواس

والحقيقة أن حاجتنا ستقضي ويبطل لزومها على حين تبقى محبة الله كجوهر الله: قيمة أزلية أبدية خالدة لا يداينها الشك وإن لم ترها العيون

فالله يرانا بأوضح مما نرى أنفسنا ويرى احتياجاتنا الحقيقية التي لا تراها عيوننا وهو يقدم لكل مخلوقات الأرض مائدة اليوم ويشبع كل حي من فضله وغناه

حين نأتمن الله على غدنا

نحن نصاب بالقلق من أجل احتياجات الغد لأننا لا ندرك بالحواس كيف سيدبر الله طعام  الأيام القادمة وكيف يحل مشكلات المستقبل البعيد فإذا لم يكن لنا الثقة الكاملة بالله فلابد أن نقلق ويصور لنا قلقنا أبعاد متناهية لمشكلات بسيطة قد سبق لله فأوجد لها حلا

حدثتني صديق أنه كان مرة يستمع إلى محاضرة في الرياضيات من خلال برنامج تلفزيوني فسأله ابنه الصغير الذي كان قد التحق بالمدرسة الابتدائية منذ أيام قليلة عن هذه الأشياء الغامضة التي يسمعها فأفهمه الأب أن هذه دراسات متعمقة تقدم لطلبة الجامعة

وفي اليوم التالي نظر الأب فوجد ابنه الصغير جالسا في فراشه يبكي فلما استوضحه الأمر قال الطفل : إنني أبكي لأن الدراسة بالجامعة صعبة جدا

وقال الأب: لا تخف يا ولدي فحين نصل إلى أبواب الجامعة ستكون معدا لهذه الدراسات

إننا لا نملك علم الأيام والله يدربنا في هذه الحياة وينمينا حتى نكبر ويقوى عودنا وتتسع مداركنا لمواجهة احتياجات المراحل القادمة لكنه في كل مرحلة من حياتنا يعطينا ما نحتاج إليه فهو الراعي الأمين الذي يتكفل برعاية جماعته وتوفير راحتهم وما علينا إلا أن نضع فيه ثقتنا ونأتمنه على مستقبل أيامنا

أماننا في رضى الله

استقبل الإمبراطور قورش الفارسي يوما اثنين من رجاله المقربين وعند انصرافهما قدم الملك لأحدهما سبيكة من الذهب ففرح بها كثيرا ولم يعط الملك الرجل الآخر شيئا لكنه عانقه مقبلا إياه فامتلأ الأول غيرة وحسدا لرفيقه فقد هانت قيمة الذهب أمام قبله الرضى الملكي

أما نحن فكثيرا ما تتعلق قلوبنا بعطايا الله ونسلك كما تسلك القطط المنزلية التي تشم رائحة الطعام فتندس تحت المائدة وتضع عقلها وتصرفاتها وحواسها جميعا طوع أنفها التي امتلأت برائحة الطعام الشهي فترى عيونها صاعدة هابطة وكأنها تستجلب اللقمة من بين فكي آكلها

هكذا نفعل نحن كثيرا حين نتطلع إلى عطايا الله  المادية بشغف شديد وكأننا لا نرى فيه سوى شبع أجسادنا

فقراء إلى شيء آخر

لكن هناك ما هو أهم بكثير من الحاجات المادية إنها حاجة النفس وفقر الروح لغنى معرفة الله

فمعرفة الله تفسر لنا محبة الله ورعايته وعنايته الفائقة بنا فنفهم أ، كل ما تصل إليه أيدينا هو عطية منه أعدها لنا وهيأنا لنوالها ومكن منها أيدينا ولولا ذالك ما كانت لنا وما أدركناها بإجتهادتا أو بفطنتنا أو باقتدارنا

وإذا حجب الله عنا شيئا من الخير فإن معرفة الله تجعلنا ندرك أنه حجب هذا الشيء لخيرنا فتملئ قلوبنا بالطمأنينة والرضا

حين يقدم لنا الطعام فإنه يقدم معه السلام أيضا لذالك فإنه يشبع العقل والقلب والنفس والجسد وتتضائل كل الحاجات والمطامع البشرية أمام دفء حبه ورعايته التي تمنح الطمأنينة والأمان

أعجب أحد السياح بواحد من الرعاة رآه جالسا إلى صخرة فوق أحد التلال يحتضن حملا صغيرا وقد رقدت الخراف تحت قدميه وتقدم الغريب وقد امسك بعض الأعشاب الخضراء وقدمها للخراف القريبة منه فأقبلت عليها بشهية بالغة وبينما هي تأكل وقف الراعي وسار في الاتجاه الآخر فتركت الخراف طعامها لتجري وراء راعيها واندهش الغريب فقد كانت وقع خطوات الراعي أحب إليها من مذاق طعامها المفضل

ما أجمل تلك الحياة التي تعيشها الخراف الوداعة في أحضان راعيها إنها تضع فيه ثقتها الكاملة فهو بالنسبة لها كل حياتها ووجودها إنه الباب الذي تدخل منه والحظيرة التي تأوي إليها والخضرة التي ترعى فيها والمياه الدافقة التي ترتوي بها

كان أحد الرعاة قد أصيب بمرض صدى وإنتابته أزمة صحية أودت بحياته لكنه في اللحظات الأخيرة أخذ يروي لضيوفه كيف تكمن منه المرض في تلك الليلة القارسة البرودة حين أكتشف تخلف أحد الخراف فخرج يبحث عنه فوق الصباح وعاد به سالما من بين أنياب الموت

وقال أحد الجالسين هذا يشبه تماما ما صنعه الله بي فقد كنت تائها في جبال هذه الحياة وكادت وحوش الغابة تأكلني في صقيع الليل والشر لكن الله دعاني إليه حملني مسح دموعي وجبر كسوري أدفأني وأطعمني وظلل حولي وهيأ لي مقاما في المروج الخضراء وعند موارد المياه الصافية

فما أحلى وأغنى الحياة في عشرة الله فهو لا يعوز أتباعه شيئا من الخير إنما تتبعه الرحمة والخير كل أيام حياته

صرخة إنسانية

يا رب

إنني فقير ببعدي عنك

فقير لجهلي بك

أوقعتني أفكاري المشوشة

ومعارفي المغلوطة

في دائرة عبادة جافة قاتلة

لا تروي نفسي

ولا تشبع حياتي

أحتاج إلى علاقة غنية تربطني بك 

ولا سبيل إليك

دون قلب طاهر خالص لك

وقلبي امتلكته عبادة شكلية

وعقلي احتلته أفكار عتيقة

فيبست حياتي

كنبتة صفراء جافة

في صحراء محرفة

فأرشد روحي الضالة

بحديث روحك القدوس

وأهدي نفسي إليك

وانتزعني من بين أنياب الضلال

مهما كانت سطوة الباطل

يا رب

 

ما أحلى وما أغنى الحياة مع الله
ما أحلى وما أغنى الحياة مع الله

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟