مبادئ إنسانية

قدرة الله المطلقة

19 مبادئ إنسانية :

إن أعظم ما تحققه بقدرتنا البشرية المحدودة هو:

أن ندرك حاجتنا إلى قدرة الله المطلقة

هناك أسطورة هندية تقول إن جميع الرجال كانوا في يوم من الأيام آلهة وكانت لهم قدرات عظيمة يستطلعون بها أني أتوا بأعمال خارقة

ولكن بني البشر أساءوا استخدام تلك القدرات مما اضطر كبير الآلهة براهما أن ينزع هذه القدرات الخاصة من الرجال ليخبئها في مكان ما بحيث يتعذر عليهم كشفه

ولهذا الغرض اجتمع كبير الآلهة بمستشاريه لبحث الأمر والتفكير في مكان حصين لا يبلغه الإنسان فأِر بعضهم أن تدفن هذه القدرات العظيمة في أعماق الأرض لكن براهما قال لهم لا إن هذا لا يكفي فالإنسان سيحفز الأرض ويعثر عليها وقال آخرون : إذن فلنطرحها في أعماق البحر فأجاب براهما لا فالإنسان سيكتشف أعماق المحيطات ويجد قدارته الخارقة

وتحير المستشارون فقالوا يبدو أننا لن نعرف أين نخفيها فليس هناك مكان على الأرض أو في البحر يعجز الإنسان في الوصول إليه يوما ما

وهنا قال براهما إليكم ما نفعلهم بقدرات الإنسان الخارقة سنخبئها في أعماق نفسه نفسه لأنه لن يفكر أبدا في البحث عنها هناك

وتختتم الأسطورة بالقول إن الإنسان أخذ في كل تاريخه يبحث وينقب ويصعد ويهبط ويحفز ويغطس في كل مكان محاولا استكشاف قدراته الدفينة وهو لا يدري أ،ها مكونة في داخلة

ومهما يكن من أمر الأساطير فإنها تعكس حكمة ما والحكمة التي تتضمنها هذه الأسطورة هي : إن لإنسان قدرات عظيمة تعيش في داخله ولديه إمكانات هائلة في عمق ذاته

فقد أدع الله في كل واحد من بني البشر قدرات خاصة مكنونة في أعماقه عليه أن يكتشفها وعليه أن يخرجها إلى النور وعليه أن يهذبها وعليه أن يشعل جذوتها الخامدة

وهذه القدرات الخاصة والمواهب المتميزة تعتبر فضلا لصاحبها إن هو أحسن استخدامها فتعود عليه وعلى الآخرين بالخير وتعتبر وبأ عليه وعلى الآخرين إذا هو أساء استعمالها

هذه القدرات المتنوعة

ولله حكمة عظيمة في ما وهبه لأفراد من قدرات متباينة ومواهب متنوعة

فإننا نرى مثلا في المستويات الأدنى من الخليفة أن الله ميز كل نوع من خلائقه بقدرات خاصة تتفوق فيها على غيرها من الكائنات فالفراشات الدقيقة تحلق في الأجواء وتنطلق في رشاقة بين الزهور الأمر الذي تعجز عنه الحيوانات العظيمة والوحوش الكاسرة ونرى الأسماك الصغيرة تسبح في بحور واسعة بمهارة لا يضارعها أمهر السباحين من بني البشر وتتحلى الزنابق الصغيرة بألوان رائعة لا تضاهيها ثياب الملوك

وهكذا صنع الله أيضا في مملكة البشر فجعل فرقا بين إنسان وإنسان فهذا ميزه بقدرات لغوية وذاك أعطاه قدرات رياضية وثالث لديه قدرات إبداعية..الخ

ولعل الله يعلمنا من وراء ذالك أشياء كثيرة منها

إن لكل إنسان قدراته ومواهبه الخاصة التي يتفوق فيه على أقرانه

ليس هناك إنسان خال من المواهب بل لكل إنسان كنزه المدفون في أعماقه وعليه أن يكتشفه ويستخدمه

هذه القدرات جعلها الله سبيلا يلتمس بها الإنسان طريقه نحو حياة هادفة تفيده وتفيد الآخرين به

قصد الله في حمته أن تختلف القدرات بين بني البشر حتى يجعل الواحد منا في احتياج شديد للآخرين فيكمل الواحد نقص الآخر ويحترم الواحد إمكانيات الآخر فالقدرات لا تكتمل إلا في جسم البشرية الأكبر

قدراتنا المحدودة

وبالرغم من تباين قدرات بني البشر فإنها في جملتها محدودة حتى وهي في كامل مداركها

فإذا أخذنا مثلا القدرة على تعلم اللغات فإننا نجد من يجيد لغة واحدة أو لغتين أو عشرة لغات أو أكثر فماذا نقول عن هذا الإنسان؟ إنه بحق صاحب قدرات متميزة في هذا المجال فلو افترضنا أن هناك من يعرف مائة لغة من لغات البشر يتحدثها كما يتحدث بها أهلها فماذا يمكن أن نصف به هذا العبقري؟ إننا لا نجد من الكلام ما يكفي للإشادة به ومع ذالك فإن مثل هذا الإنسان لا زال بعيدا عن حدود الإلمام الشامل بلغات البشر ولهجاتهم التي تقدر بالآلاف

وإذا تأملنا ما أنجزه الإنسان في مجالات العلوم المختلفة كغزو الفضاء مثلا إلى أي مدى استطاع الإنسان بقدراته أن يصل؟ لقد وطأ سطح القمر وهذا إنجاز رائع لكن ماذا يكون القمر في بحر هذا الكون الواسع الشاسع المتزامي الأطراف إن الإنجازات التي تبين عظمة الإنسان وقدراه تعكس في ذات الوقت محدوديته وضعفه

ونحن حين نرى حشرة دقيقة تعيش في ظروف قاسية وتقاوم أعداء خطيرين وتحمل أثقالا تفوق أضعاف حجمها وتبقى بلا غذاء لفترات طويلة..الخ فإننا نعترف أن إمكاناتنا محدودة للغاية

أعظم قدرات البشر

لكن الله سلح الإنسان بقدرة خاصة تفوق كل القدرات الأخرى هذه القدرة المتميزة هي قدرته على الاتصال الروحي بالله سبحانه وتعالى

فقد وهب الله الإنسان قلبا يتوق إلى معرفته وعقلا يدرك به عظمته ومنطقا يتبين به حاجته الشديدة إليه فأصبح التطلع إلى السماء والتعرف على طريق الخلاص الروحي والتجاوب مع همسات روح الله القدوس أصبحت هذه جميعها من قدرات الإنسان وملكاته الحرة

لكن الإنسان كثيرا ما يضل الطريق حين يملأه الغرور بما لديه من قدرات ومواهب لذالك فإنه كلما زادت قدراتنا وتميزت مواهبنا احتجنا إلى مزيد من الحكمة والتواضع والخشوع بين يدي الله حتى لا نتلهى بقدراتنا فلا نرى ضعفنا وحاجتنا

فالإنسان القوي البنية مثلا يستعرض عضلاته القوية أمام الناس فيحسبون له ألف حساب ويخشونه ويفسحون له الطريق ويلبون مطالبه الثقيلة هذا الإنسان قد يملأ الكبر فلا يدرك محدودية إمكاناته ويحمد الله على نعمته إلى أن يباغته الضعف ويسرى في جسده الوهن فيدرك حينئذ ما كان غائبا عنه وهنا تتجلى للإنسان قدرة الله المطلقة حين يقتنع هو بمحدوديته وضعفه

إن جميع مواهب البشر وقدراتهم هي عطايا إلهيه خاصة يمنحها الله لخيرهم لكن أعظمها هي القدرة على معرفة طريق الخلاص من قيود هذا الجسد والانطلاق في رحاب الروح والتجرد من قشور المادة والتطلع إلى خلاص النفس وإدراك الطريق للحياة الأبدية

 صرخة إنسانية

يا رب

سبحانك أرشدني تجلت حكمتك

فقد أرشدتني قدرتي المحدودة

إلى طلاقة قدرتك

كان عطاؤك لي سخيا

وهبتني نسمة الحياة الخالدة

في جسد من تراب الأرض

فأصبحت نفسا حية

تأكل وتشرب تصحو وتنام

لكن حبك المطلق العظيم

منحتني ما هو أعظم من حياة الجسد

فقد وهبتني القدرة

على استشفاف حبك

على استرقاق همسات ندائك

فأصبحت وأنا طين الأرض

أتلهف إلى سمائك

وأدرك أن حياتي فيك

ومالي إليك

وخلاصي من عندك

فأفتح عيني حتى أرى طريقك الحق

وأقنع عقلي ونفسي

ببراهين الروح العلوي

بما لم يعقله عقلي القاصر

ولم تدركه نفسي الضالة

فليس لإنسان ضعيف

أن يتجاوز إعلاناتك أو يرفضها

فأعلن لي إعلانا صريحا

يطرد كل الشك وكل الخوف

يجلو كل ظلام الزيف

ويحرر نفسي من ميراث الضعف

يا رب 

قدرة الله المطلقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟