مبادئ إنسانية

عناية الله بمستقبلنا

22 مبادئ إنسانية :

قد يحيط الغموض بمستقبلنا

لكن الله يشرق علينا من وراء الغيوم ليضيء لنا الطريق

إن عناية الله بمستقبلنا تتخطى

حدود العمر وحدود الأرض وحدود الزمن

جلس الشاب الصغير فوق الأرض الحجرية في ركن من أركان الحجرة المظلمة الباردة وراح يفكر في مستقبله الغامض

قال الشاب لنفسه” ترى هل أخرج يوما من هذه الحجرة الكئيبة إلى النور والهواء أم تراني أقضي بقية العمر في هذا الركن المظلم”

إن حكما بشأنه لم يصدر وهو لم يقترف إثما ولم يفعل شرا بأحد من الناس لكن حاله تبدل في لحظة خاطفة

وسبحان مبدل الأحوال فقبل لحظات كان ينام في فراش وثير في أحد القصور حيث نشأ وتربى في عيشة مترفة لكنه الآن يفترش التراب وينام ذليلا بين المساجين يجوع ويعطش يشقى ويهان يتلقى الأمر من أدنى الحراس وقد كان قبلا هو الآمر الناهي الذي يخضع له جميع العاملين بالقصر

ولهل الشاب الصغير أحس بالاختناق وهو يستنشق هو فتذكر تلك الرائحة الخانقة التي سبق أن أشتمها قبل سنوات في ظروف أصعب فقد  حدث أن تعرض لمؤامرة كادت تودي بحياته حين ألقى به في بئر جاف وظن أنها نهايته المحتومة ولكن الله في تلك المرة أنقضه من ظلام البئر وأرسل إليه من أخرجه ونقله إلى مصر حيث عاش مدللا في قصر أحد الحكام

وتنهد الشاب بعمق فما هو اليوم يعود إلى السجن فهل ينتقذه الله كما فعل من قبل؟ هذا ما ستحمله إليه الأيام

وطال الانتظار وأحاط الغموض بمستقبل السجين فقد نسيه الجميع حتى أظلمت الحياة في غينيه لكن الله لم ينسه قط فكل شيء في خطة الله ميعاد

وفي اليوم المحدد أزاح الله الغيوم التي أحاطت بمستقبل الشاب يوسف الصديق فأخرجه من سجنه مكرما ومكن له في الأرض وأقامه أمينا على خزائن البلاد

إن الغموض المخيف قد يحيط بمستقبلنا فيصيبنا الخوف أو القلق أو التوتر لكن الله الذي خلقنا يستطيع أن يضمن لنا مستقبلنا ويملأ نفوسنا سلاما وطمأنينة فهو وحده الممسك بخيوط الحياة وأطراف الزمن

نحن ومستقبلنا

هناك أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا ونحن نفكر في مستقبلنا ؟

هل يصنع الإنسان مستقبله؟

هل يضمن الإنسان مستقبله؟

أليس من الأفضل أن نتركها على الله يسيرها كما يشاء؟

من الطبيعي أن يهتم الإنسان بأمر المستقبل ولو لم يهتم الإنسان بمستقبله لفقد حماسه وانعدمت فرصة ارتقائه واكتشاف ملكاته ومواهبه فأصبح بليدا خاملا كسولا معرضا للفناء

لذالك فكل إنسان في هذا الوجود يفكر في أمر الغد وإن اختلفت البشر في أنماط فكل إنسان في هذا الوجود يفكر في أمر الغد وإن اختلف البشر في أنماط تفكيرهم حسب دوافعهم ومفاهيمهم المختلفة

فمن الناس من يفكر في غذه تفكيرا عقليا يحكمه المنطق فيجعل لكل الأشياء حساباتها المحكمة ويضع لكل الفروض احتمالاتها المحسوبة وهو يبرمج مستقبله برمجة آلية ذات مقاييس دقيقة

وعلى النقيض فهناك من يفكرون في الغد تفكيرا سطحيا لا يحكمه عقل ولا منطق فهم يرون المستقبل من حيث تراه عواطفهم الهوجاء فتارة يرون غدهم باسما مفروشا بالورود وتارة أخرى يرون غدهم عابسا مغمورا بالدموع

ومن الناس من ينظر إلى الغد من منطلق  النفس المطمئنة التي تحب الحياة وتثق بها ومنهم من يفكر في الغد من خلال رواسب نفسية كثيفة فيتوقعون الشر وينتظرون البلاء القادم

إن بعض الناس يملكون الضوابط التي تجعلهم في علاقة ود مع أيام العمر وبعضهم يحملون نفوسا مضطربة تخلق عداء شديدا بين نفوسهم المتراجعة وشموس أيامهم المقبلة

إن أحدا من الناس لا يزعم معرفة المستقبل غيب في علم الله

ولا يزعم أحد أ،ه يصنع مستقبله لأنه صناعة المستقبل لا تعتمد على توافر الخامات والآلات والأيدي العامة كغيرها من الصناعات المادية بل هي صناعة خارج نطاق الزمن صناعة تتم في الزمن الآتي والإنسان بكل قدراته محدود أمام الزمن

والإنسان أيضا لا يضمن المستقبل فالحياة والوجود قيم متغيرة لا يملكها الإنسان الفرد فنبض الحياة في عروق البشر ليس من صنع البشر وما يحيط بنا من أسباب البقاء أو الفناء ليس تحت يد الإنسان فكيف يضع الإنسان ضمانا لمستقبله وهو لا يضمن استرداد أنفاسه؟

إن الإنسان المتزن لا بد أن يفكر تفكيرا مستقبليا لا يغلب عليه التشاؤم أو التفاؤل ولا تحكمه العواطف الجامحة ولا يغلب عليه الإسراف في التحليل العلمي للتاريخ والزمن فالحياة التي نحياها ليست حياة آلية تضبطها قوانين العقل فحسب بل هي في المقام الأول حياة روحية تحكمها إرادة سمائية حكيمة وقدرة إلهية سامية

لكن هذه العناصر جميعها لا تمنع الإنسان من التمتع برؤية مستقبلية واضحة يستلهم فيها قدراته العقلية التي منحها الله له

فالإنسان قادر أن يعرف الكثير من قوانين المستقبل فهو يعرف مثلا أن ما يزرعه الإنسان يحصده أيضا وأن الجزاء دائما من جنس العمل والحصاد ما يزرعه الإنسان يحصده  أيضا وأن الجزاء دائما من جنس العمل والحصاد دائما من نوع الزرع والإنسان يعرف أيضا أن البذرة الصالحة في التربة

الصالحة تنتج ثمرة صالحة ويعرف الإنسان أيضا أن الحبة الميتة لا تنبت والمياه لا تروى ويعرف الإنسان أيضا أن الطعام الجيد لا يغير طبيعة الوحوش الكاسرة والعطور لا تصلح الأطعمة الفاسدة

من هذه الخبرات العقلية التي وهبها لله للإنسان يستطيع أن يدرك أن مستقبله محكوم بقوانين السماء وأن صلاح نفسه في يد عليا وقادرة فحتى إذا استطاع الإنسان أن يغير سلوكه أو برامجه فإنه لا يستطيع أن يغير أعماقه ويضمن ثماره لأن الله وحده هو الذي يضمن مستقبل الحياة

الله ومستقبلنا

هل يهتم الله العظيم بمستقبل البشر؟

هل يهتم الله العظيم بمستقبل كل فرد من أفراد الخليقة؟

عل يهتم الله العظيم بمستقبلي أنا شخصيا؟

إن التشكك في اهتمام الله بنا كأفراد يدل على عدم إدراكنا لعظمة الله ولقدرته وحبه

فمن يتأمل في إبداع الله في خلقه يرى أن الله قد أهتم بتفاصيل دقيقة تميز كل جنس من أجناس المخلوقات ورتب لكل منها طريقا للحياة ووسائل البقاء والدفاع والتكاثر حتى أنه يرزق الدود في الحجر كما نقول في أمثالنا

وقد جعل الله لكل منا شأنا من شؤون الحياة ورتب له موردا من موارد الرزق وفتح له طريقا للتعبير عن ذاته وحفظ كيانه الآدمي

ومع أن أغلب البشر لا يحسون بيد الله التي تحميهم وترزقهم وتهديهم فإن هذا لا يغير من حب الله للبشر ورعايته العظيمة التي تتناسب مع عظمته وشموله

إلا أن عناية الله بمستقبلنا تتخطى حدود الزمن وحدود الأرض وحدود العمر إن عناية الله بنا تمتد إلى الحياة الأبدية وراء حجاب الموت

فإذا كان الله يعتني بأجسادنا التي تفنى في تراب الأرض أفلا يعني الله بأرواحنا الخالدة

إن آفة الإنسان أنه يهتم بحياة الجسد ويتطلع إلى المستقبل بنظرة قصيرة تقف دائما عند حافة الشيخوخة والموت لكن الله المحب يريد أن يضمن للإنسان حياة الخلود في صحبة الله هناك في عمق الأبد فوق أبعاد الحياة الجسدية الفانية

إن إلهنا العظيم يطلب لنا مستقبلا عظيما يليق بخليقته المتميزة التي أحبها

صرخة إنسانية

يا رب

سامحني

فأنا قصير النظر

أتطلع إلى المستقبل القريب

أريد أن أحمي نفسي من الأيام

أريد أن أضع قدمي فوق الأيام

ولذالك داستني أقدام الأيام

يا رب

سامحني

فقد رأيت البشر

ينفقون نصف العمر في التسلق

ويهبطون في النصف الآخر

إلى تراب الأرض

وبيد فارغة

يرجعون إلى حيث كانت البداية

ولم أعتبر بخبرة الأيام

كنت قصير النظر

يا رب

افتح عيني إلى ما وراء الأيام

أبعث في عقلي أفكار الأبد

عمق في داخلي الوعي الروحي

ازرع في قلبي بذرة الإيمان الحقيقي

أنر بصيرتي فأكتشف قصدك

هيئ نفسي لمعرفة حقك

أرفع بصري فوق المادة

واجعل مستقبلي في رضاك

أعطني شفافية الروح

أعطني أن أدرك همسات حبك

أن أسمع في وعي صادق

صوت الروح القدوس

أنت صانع نفسي

وحدك ضامن مستقبلي

فاصنع مني إنسانا جديدا

إنسان للغد للأبد

يا رب

 عناية الله بمستقبلنا
عناية الله بمستقبلنا

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟