كان أحد الجنود الفرنسيين في الحرب العالمية الأولى يحتفظ معه بهذه الحكمة:
من المؤكد أنني سأكون في أحد موقعين: إما في مقدمة المحاربين
أو في الصفوف الخلفية: فإذا وضعت في مقدمة الصفوف فسيكون نصيبي أحد أمرين: إما أن أتعرض للخطر أو أظل في مأمن فإذا تعرضت للخطر فقد أصاب أولا أصاب فإذا أصبت فقد أشفى أو تكون إصابتي قاتلة وإذا كنت سأشفى فلا داعي لأن أقلق الآن وإذا قتلت فلن أستطيع أن أقلق
إذن لماذا القلق؟
القلق عدو قاتل
يقول الدكتور نويل كلارك جلبرت المتخصص في أمراض القلب العالمي المشهور يقول: إن الانفعالات العاطفية عامة تترك أثار ضارة على الأوعية الدموية لكن الغضب أسوأ هذه الانفعالات أما القلق شر أعداء القلب
ويقول كين أندرسون: يجب ألا نفسح للقلق مكانا في حياتنا إذ ليس هناك أدنى شك في أن أكثر من 90 في المائة من المتاعب التي تصيب أي إنسان بسبب مشكلة ما يرجع إلى القلق الناتج عنها لا إلى جوهر المشكلة ذاتها
وقد أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة أن القلق يضعف درجة مقاومة الجسم للأمراض وأكثر من ذالك فإنه يؤثر تأثيرا سيئا على الجهاز العصبي وما يتصل بالجهاز الهضمي والقلب
أضف إلى ذالك ما يضيفه القلق من تعس على الليالي والأيام الخالية من الإشراق الداخلي وما يتبع ذالك من التوقعات السوداء التي تحطم قدرة الإنسان على مواجهة مشكلاته
نصيحتان لعلاج القلق
النصيحة الأولى يقدمها آرثر رانك الذي يقول تجاهل المشكلات فإنك ستجد أنها تحل تلقائيا ويعرض رانك في كتاب فن السعادة الحقيقية أسلوبه الخاص في معالجة القلق
وتتخلص طريقته في تخصيص يوم واحد في الأسبوع يواجه في المرء مشاكله مواجهة مركزة لذالك فقد أنشأ ما أسماه:
نادي الأربعاء للقلق فإذا هاجمه الوسواس والمخاوف والقلق في يوم آخر من أيام الأسبوع سارع بكتابة المشكلة مع ما يحيط بها من مخاوف وأودعها صندوقا لا يفتح إلا في يوم الأربعاء التالي
والطريف كما يقول رانك أنه كثيرا ما وجد أن معظم المشكلات التي كانت تزعجه قد تمت تسويتها تلقائيا
ولعل هذا يذكرنا قصة الرجل الذي صنع حبلا ليهبط به إلى قاع بئر عميقة وظن الرجل أن طول الحبل كافيا للوصول إلى القاع لكنه لسوء حظه أدرك نهاية الحبل ولم تمس قدماه أرض البئر فانزعج وأضطرب وأحاطت به الوساوس والهموم وخشي إن هو تسلق الحبل صاعدا أن ينقطع الحبل فيهبط إلى قاع سحيق لا يدري مداه فظل معلقا بالحبل بعد أن أحكم قبضته عليه إلى أن خارت قواه وارتعشت يداه فأسلم مصيره لمولاه وأرخى قبضته فإذا به يسقط عشرة سنتيمترات فقط كان القلق قد خالها أميالا
أما النصيحة الأخرى فهي نصيحة د. أوسلر الطبيب العالمي المشهور
إنه يقول أغلق أبواب الأمس والغد الذي لم يولد بعد ويمثل د. أوسلز لذالك بإحدى السفن العابرة للمحيطات التي صممت بحيث يستطيع قائدها أن يضغط على أحد الأزرار فتهبط بوابات الصلب الضخمة التي تغلق حجرات السفينة فإذا ما تعرض جسم السفينة للخطر وأصيب أحد جوانبها بثقب نافذ تسربت منه المياه إلى إحدى الحجرات سارع القبطان بإغلاق بابها فلا تتسرب المياه إلى غيرها من الحجرات وتظل السفينة طافية على وجه الماء
ويقول د. أدسلر إنه في رحلة الحياة يجب أن نتعلم كيف نغلق الأبواب فنغلق الأمس بكل ما فيه من فشل أو خطأ ونتعلم أيضا كيف نغلق باب القلق على الغد الذي لم يولد بعد عندئذ نعيش اهتمامات اليوم فقط
وهناك شيئان على الأقل لا ينبغي أن نقلق بسببها وهما أولا المشكلات التي لا حول لنا فيها ولا قوة فالاهتمام بها ضرب من الحماقة غير المجدية ثم المشكلات التي يمكننا أن نتحرك لحلها وهذه يجب أن نسرع لتسويتها ولا نضيع طاقتنا في القلق
القلق عادة ضارة يجب مقاومتا
قالت إحدى السيدات إنني أحس بالقلق عندما أكون في حالة طيبة لأنني حينئذ أتوقع ألا أستمر طويلا على هذه الحالة إذ لابد أن تعقب ذالك أشياء رديئة
وهكذا يتعب الكثيرون أنفسهم فالقلق قاتل ويوم القلق أكثر أجهادا من يوم العمل الشاق
والآن
طهر حديقتك من الأعشاب الضارة أنتزع منها أصغر جذور القلق راقب أول لحظة يظهر فيها القلق على سطح الأرض وانتزعه فورا وهو بعد صغير لا تعده ينمو لأنه سيزاحم كل النباتات الطيبة ويأخذ مكان الزهور الجميلة التي يجب أن نفسح لها المكان في قلوبنا
لا تقلق على الغد أد واجبك اليوم وحارب معركة الساعة لا تضيع طاقتك وقوتك بالنظر إلى أشياء مستقبلية لم تراها ومن الطبيعي أنك لا تفهمها بعد
