مبادئ إنسانية

الله يضمن تغيير الإنسان

31 مبادئ إنسانية :

لا يستطيع الوحش أن يصبح حملا وديعا

لكن روح الله يضمن تغيير الإنسان

كان للرجل بنين وبنات يعيشون معه في بيته حياة سعيدة كسائر الأبناء

ولكن هذا البيت دون غيره من البيوت كان يضم في كثير من الأحيان بعض الصغار الذي تلدهم سيدة البيت ولا أي سيدة أخرى فقد كان الرجل يعتني بتربية الأسود فلم يكن غريبا أن تلقاه داخلا بيته حاملا على ذراعه شبلا صغيرا يستلقى على صدره في دلال أو يعلق يده في براءة ووداعة

وربما كان الرجل وأهل بيته يؤمنون أن هذا النوع من الأسود البيتية

وإن كانت تنتمي إلى فصيلة السباع لكنها بالقطع ليست كأسود الغاب الشرسة فهي أسود متحضرة لم تغرس أنيابها قط في جسد نابض ولم تعلق قط الدماء الدافئة المتفجرة من فريسة حية

وتربية الأسود فن وعلم تماما مثل تربية الأطفال لكنها تخضع لقواعد صارمة لا مجال للتهاون فيها فالتهاون في هذا النوع من التربية لا يأتي فقط بأبناء مستهترين أو مدللين أو ضعاف الشخصية لكنها تأتي بمخالب طائشة وأنياب حمقاء

ولقد نجح الرجل على مدى سنوات طويلة في ترويض عدد كبير من الوحوش الكاسرة التي نسيت أو تناست إلى حين طبيعتها الوحشية وسارت في دلال تتمسح كالقطط عند أقدام مدربها

وفي ليلة من الليالي السوداء هجم واحد من هذه الأسود على سيده و ولى أمره فنهش جزءا من جسده أدى إلى وفاته بعد ساعات قليلة

كان هذا الأسد مدربا على الوداعة لكنه لم يكن وديعا

ولقد استطاع المدرب أن ينتزع الشراسة من أطراف مخالبها الحادة ولكنه لم ينزعها من أعماق طبيعتها الوحشية الكاسرة

يبدو أنه من المستحيل أن تتغير طباع الوحوش لتصبح وديعة كالحملان  أو تتحول الحياة إلى حمائم فالطباع المتأصلة في فطره الكائنات لا تستطيع الصفات المكتسبة أن تطغى على أصلوها العميقة

ونحن نذكر من القصص التي قرأنها في طفولتنا قصة الأميرة والخنزير وهي تحكي عن أميرة صغيرة رأت خنزيرا صغيرا حديث الولادة فأمرت أن يغسل وينظف وأن يلبس ثيابا فاخرة وأن يعطر بأغلى العطور ويوضع حول عنقه عقدا من الجواهر الثمينة ويحمل إلى عربتها الملكية المكشوفة وفي موعد خروجها للنزهة في أرجاء المدينة جلست إلى جوار الخنزير المدلل فخورة بقدرتها على تطبعه وتدريبه على حياة القصور وبينما هي في نشوة استمتاعها بتجربتها الناجحة مرت العربة إلى جوار أحد المصارف الضحلة فإذا بالخنزير يقفز من العربة المكشوفة ليتمرغ في الوحل ويتلطخ بالطين

إختلاف طبائع البشر

الطبع هو مجموع ما نتصف به من استعدادات خلقية ونفسية وهو ما نطلق عليه أحيانا السجية أو الطبيعية أو الخلق بضم الخاء واللام  فطباعنا هي ما نتميز به من صفات ذاتية وما طبعنا به من مميزات فردية

وحن مثلا نقول في أحاديثنا الدارجة إن فلانا كريما بطبيعته أو ذكيا بسجيته ونحن نعني بذالك أنه يمارس الكرم أو الذكاء بتلقائية كاملة ليس بها صناعة أو تكلف

وهناك من يحمل طباعا حسنة أو طباعا سيئة فهناك من لديه استعداد طبيعي لأشياء إيجابية كالتعاون والرضا والإقدام والشجاعة والتفاؤل… الخ

وهناك من لديه استعداد طبيعي لأشياء سلبية كالشك والضجر واليأس والتردد والجبن…الخ

وهذه الطباع توثر على سلوكنا وردود أفعالنا وفهمنا وتفسيرنا لكل مفردات الحياة وهي التي تجعلنا أيضا نتقارب أو نتباعد أو نتفق أو نختلف في اتجاهاتنا

فضلا عن ذالك فإن الأمزجة المختلفة التي تنتمي إليها هي بعض طباعنا وهي تمثل أسسا أصيلة في مفردات حياتنا اليومية وعلاقتنا الإنسانية

الطبع والتطبع والإدعاء

ولكن سلوكيات الناس قد لا تكتشف عن طباعهم فنحن قلما نتصرف على سجيتنا فأعمالنا وردود أفعالنا ملونة اكتسبت بعض ألوان الذوق العام فالحياة الحضارية لها أحكام تجعلنا نكبح جماح فطرتنا حتى لا نفضح ضعفنا أو لكي نكتسب إطراء المجتمع وامتداحه لنا

وكثيرا ما نتلون دون أن ندري حين نكتسب بعض الصفات التي ليست أصلا من طباعنا لكنها تدخل في حياتنا كخبرات مكتسبة ولكننا في مرات أخرى ندعي عن قصد ما ليس من طباعنا وننكر عمدا ما نحمله في أعماقنا من طباع

ومن المألوف في حياة البشر أن يرتدي أشر الناس أقنعة الصلاح فتحمل الألسنة ما لا يضمره القلب فنحن نلون طباعنا لكننا لا نغيرها وقليلا ما تكون الألوان تجملا وكثيرا ما تكون الألوان خداعا للناس ولأنفسنا

لقد أخذنا خبرة ذالك الثعلب الذي ذهب إلى الديك فقال له إنه معجب بصوته الجميل وترجاه أن يغني أمامه ليمتعه بشدوه الحلو فلما أغمض الديك عينه ومد رقبته ليصيح هجم عليه الثعلب وأفترسه لقد كانت طبيعة الغدر متأصلة في داخل الثعلب وشهوة الافتراس متأصلة في داخل الثعلب وشهوة الافتراس متأصلة في قلبه الماكر لكن هذه الطباع اختفت وراء كلماته المصنوعة

وخبرة أخرى التغير

 الناس إّن أربعة:

فبعض الناس يعيشون على سجيتهم ويكتشفون عن طباعهم بخيرها وشرها

وبعض الناس يتجملون بألوان خفيفة تقلل من حدة طباعهم المستورة متطبعين بما تميله ضمائر المجتمعات المتحضرة

وبعض الناس يلبسون أثواب الزيف والخداع التي تخفي طباعهم الخبيئة تحت أقنعة كثيفة من الإدعاء والكذب

ويبقى من الناس نوع رابع هو أولئك الذين يتغيرون حقا فتتحول طباعهم الشريرة الدنيئة إلى طباع سامية رفيعة وتتغير قلوبهم فيشع ذالك على وجوههم صافيا بلا قناع

فكيف تتغير طبائع البشر؟

دعوني أقص على حضرتكم هذه القصة:

كان هناك رجل يدعى وانج في الصين وكان وانج متضلعا في الآداب الصينية ملما بتعاليم كونفوشيوس ومنشيوس فيلسوف الصين وقد أعتاد الرجل أن يعقد بقريته اجتماعات يومية يبث منها تعاليمه عن الاستقامة والصلاح ولم تكن هذه التعاليم طباعه الحقيقية بل كانت مجرد قناع إّ كان يمارس في الخفاء صناعة أخرى تمثل سجيته وخلقه فقد كان يقود عصابة من اللصوص تتكون من مائة رجل وكان شديد البطش حتى أنه هوى بسيفه مرة على رجل اعترضه فشطر رأسه وجسده إلى نصفين وعرف بين مواطنيه باسم النمر

ولم يستطيع الرجل أن يحيا بطباعه الحقيقية في عالم الليل ولم يقدر أن يستمر في عالم الأقنعة ولم يجد خلاصا من عذابه الدائم لكنه أخيرا وجد الطريق الوحيد: الله

فليس من يغير طبائع الناس تماما سوى الله فهو خالق النفس وهو العالم بطبائع البشر التي تحكمها طبيعتهم الساقطة الجائحة إلى الشهوة والشر

وفي كلمات صادقة ودموع سجد الرجل في غرفته ورفع عينيه إلى السماء ولم يقترح حلا بل طلب رحمة ونورا وإذا بروح الله القدوس يغمره  بقوة شديدة اهتز كيانه وكأن الله يغسل عن وجهه أقنعة الخداع ويغسل عن قلبه جمود الشر ويصيبه في بوتقة التغيير الإلهي فينطلق بقوة مقدسة في حياة جديدة فلم يعد يساق للشر بطباعه القديمة ولم يعد يتلون بأقنعته الزائفة بل صار واحدا من السعداء الذين غيرتهم قوة الله

صرخة إنسانية

يا رب

أحمل طباعا برية خشنة

تحكمني طبيعة ساقطة

تجذبني إلى طرق ملتوية

في داخلي طبيعة وحش كاسر

في أعماقي سم الأفاعي

وخداع الثعلب

أحيانا أتجمل

أرسم فوق جبيني نورا

أرسم فوق شفاهي كلاما حلوا

أنثر حولي عطر العصر

أحيانا أتنكر

ألبس أقنعتي الثقيلة

تخفى أنيابي وأظافري

لكنني في داخلي أتعذب

أريد تغييرا حقيقيا

أريد تغييرا قلبيا في الأعماق

أريد تحريرا للنفس

وقوة للانطلاق

أملأني بقوة روحك القدوس

الذي يقدر أن يحررني

الذي يقدر أن يصنع الإنسان الجديد

يا رب

الله يضمن تغيير الإنسان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟