مبادئ إنسانية

الله يصلح أخلاقنا

21 مبادئ إنسانية :

إن صلاح أخلاقنا لا يقربنا إلى الله

لكن قربنا إلى الله يصلح أخلاقنا

يروي في الأساطير الإغريقية أن رجلا سرق ثعلبا وأخفاه في طيات ملابسه حتى لا يراه أحد لكن الثعلب الخبيث أخذ ينهش في جسد الرجل ويأكل لحم بطنه وأحشائه والرجل ثابت الجأش يخفي آلامه الحادة ولا يبدي شيئا من الاضطراب

فقد خشي الرجل أن يصرخ فيفتضح أمره لا لأنه سارق بل لأنه لم يقدر أن يمارس السرقة بمهارة فلم تكن السرقة عيبا في ذاتها طالما استطاع السارق أن يخفي عمله لكن العيب أن يراه أحد

وقد دهشت حين قرأن هذه القصة فلم أكن أتصور أن تكون السرقة شيئا مقبولا في مجتمع ما والأغرب من ذالك أن يعتبر السارق بطلا يستحق الاحترام إذا أجاد التخفي

وحين نتأمل سلوكيات المجتمعات البشرية في مختلف العصور فإننا نندهش كثيرا حين نرى بعض المجتمعات البشرية تقدس من المبادئ ما تحتقره مجتمعات أخرى وقد يحدث هذا في نفس مناطق متقاربة أو أزمنة متقاربة به

والأمثلة على ذالك كثيرة ومثيرة ومن ذالك ما قيل عن سكان أخد الجزر في جنوب شرقي آسيا حيث يذهب أحدهم لزيارة مريض ويحمل له هذه قيمة وهي الأكفان ويعتبر هذا السلوك دليلا على اللطف وحسن الذوق والكياسة وإني أتخيل لو أن أحدا فعل ذالك في بلادنا ولا أستطيع أن أتصور ما يمكن أن يحدث له من أهل المريض

وربما يدلنا هذا على أن إجماع الناس على شيء ما ليس دليلا على صحة هذا الشيء فالمبادئ الأخلاقية التي يقرها مجتمع ما قد يعتبرها غيرهم عملا قبيحا أو جريمة تستحق العقاب وقد تسمع جماعة من الناس يتحدثون بإعجاب شديد عن مهرب استطاع الإفلات من الرقابة أو عن فتوة استطاع أن يبسط سلطانه على المحيطين به ويبتز أموالهم

إن العالم في كل عصر يرسم مبادئ للأخلاق يتعارف عليها الناس لكن هذه المبادئ التي يقبلها المجتمع لا يشترط أن تكون صحيحة إن غاية ما تفعله هذه القيم الأخلاقية هي أن تحمي من يلتزم بها من النقد والتجريح وتدين من يخرج عليها ولا يلتزم بها وكم من ضحايا أبرياء لطخ المجتمع وجوههم وشوه سمعتهم حين أرادوا تصحيح المفاهيم السائدة في أزمنتهم

من يحكم سلوكياتنا

هناك قوتان أساسيتان تحكمان سلوكنا هما المبادئ الأخلاقية التي يقرها المجتمع والمبادئ الروحية التي يغرسها الله في القلوب

والمبادئ الأخلاقية كما رأينا ليست مقياسا ثابتا فهي تتغير كالأزياء من يوم إلى يوم أما المبادئ الروحية فهي ثابتة دوما فهي ما يغرسه الله في القلوب الخاشعة التي تطلب إرشاد الله ونوره الحق

وقد يحاول كثير من الناس عن طريق التأديب لا يقودهم في النهاية إلى نقاء القلب فالعكس هو الصحيح دائما فنقاء القلب يقود السامية

إن صلاح أخلاقنا لا يقربنا إلى الله يصلح أخلاقنا

مأساة رجل مهذب

إلتقيت بشاب وسيم حلو الحديث رقيق الكلمات لا تفوته مجاملة ولا يقصر في واجب ما هذا الشاب الذي يلقبونه ب الجنتلمان له مأساة ذكرها لي وهو يبكي قال مشكلتي أن الجميع يتحدثون عن أخلاقيتي النادرة ويرون أن حياتي مثال للخلق القويم وقد سررت في بادئ الأمر بهذه الأقوال فتفننت في تجسيم هذه الصورة وترسيخها في الأذهان وبالغت في تنمية هذه المشاعر لدى الناس ولكن الثمن الذي أدفعه أكبر كثيرا من طاقتي فأنا إنسان من البشر تحركني شهوات النفس ودناياها وتدفعني بشريتي نحو رغبات دنيئة لكني أبذل جهدا مضاعفا كلما جمحت شهوتي حتى لا أهدم صورتي الزائفة في أذهان الناس

ويضيف الشاب الجنتلمان أريد أن أعلن للجميع أنني إنسان سافل قبيح المشاعر بالرغم من صورتي اللامعة إن وجهي نظيف لكن عيني قذرة إن مظهري مهذب لكن قلبي عربيد إن سمعتي مشرفة لكن نواياي منحطة

هذا الشاب المسكين أصلح أخلاقه لكنه لم يغير قلبه فأًبحت حياته مأساة وصراع داخلي عميق إنه واحد من آلاف المهذبين الذين لا تستند حياتهم إلى قوة داخلية تغير القلب

الأخلاق بين العقل والقلب

في كل عصر من العصور وضع الفلاسفة تصورا للمجتمع المثالي الذي يقوم على الفضائل وحاول بعض هؤلاء الحكماء تطبيق نظرياتهم عن الفضيلة لكن محاولاتهم أخفقت

فالإنسان قد يدرك بعقله أن هناك خطأ في سلوكه لكن عقله لا يعمصه عن اقتراف الخطأ ومثال ذالك ملايين المدخنين في العالم يقرأون تحذيرا على علب السجائر لكنهم لا يقدرون بقناعاتهم العقلية أن يوقفوا انتحارهم اليومي

وهناك من يتشوقون بقلوبهم إلى حياة تتصف بالأخلاق السامية لكن نفس هذه القلوب تميل إلى الشر وتخدع النفوس

إن محاولات الناس للتأديب كثيرا ما تخفق فالعين المرة لا تخرج ماء حلوا مهما أذبت بها من أطنان السكر أو الحلوى

كيف إذن تصلح الأخلاق؟

لا تصلح الأخلاق إلا بتغيير القلب بأن تغير طبيعة الإنسان لا يصبح قلب الإنسان أرضيا تملأه الرغبات المادية بل يصبح القلب مقدسا تدفعه الرغبات المقدسة

هذا التغيير الداخلي هو يشع في الوجه نورا حقيقيا ويملأ الحياة بالطهر الذي هو ثمرة النقاء الداخلي

فما أحوجنا لقلب جديد يغيره روح الله القدوس حين يطبع عليه قداسته ويفجر فيه ينابيع الطهر والنقاء فتضفى المبادئ الروحية السامية ثوب الطهر على القلب المتجدد ويصبح الجسد خادما للروح وهذا هو مقياس الأخلاق

صرخة إنسانية

يا رب

لقد خدعت الناس

وخدعني الناس

أخفيت وجهي القبيح

خلف ستار من المبادئ الزائفة

وأخفيت دنايا القلب

خلف أعمال الخير

وأخلاقيات العصر

طابت نفسي وأنا استمع لمديح الناس

لقد خدعت القريبين مني

فالناس يقرأون المظاهر

ولا يقرأون المشاعر

لقد خدعت كل الناس

وخدعني كل الناس

حين جعلوني أصدق كذبي

حين ظننت إنني الإنسان المهذب

الجنتلمان

أنا ساقط في مصيدة الرياء

أريد أن أفلت من قبضة الخداع

أريد أن تطهر قلبي

وتطلق في داخلي ينبوع طهر

يغسل نفسي من الادعاء

إنني أقترب إليك بأخلاقي

أو بمديح الناس

أقترب إليك باعتراف صريح

كإنسان ساقط

فاغفر خطاياي

وأصلح قلبي

واكشف لي بالروح

أسرار حياة الروح

فأخلاقي لن تقربني إليك

فقربني إليك بفضلك

فتصلح أخلاقي بمعرفتك

يا رب

الله يصلح أخلاقنا
الله يصلح أخلاقنا

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟