مبادئ إنسانية

الله الخير والحب والدواء


الإيمان بالخرافات تحقير لعقولنا والإيمان بالله إعلاء وتكريم لها

الله الخير والحب والدواء

إذا كان للخرافات بريق وحلاوة لما فيها من غرابة فإن حقائق الإيمان أكثر غرابة من خيال الخرافات وعجائب الأساطير

بقرة حمراء تأكل حشيشا أخضر فتعطنا لبنا أبيض

الذين يستودعون حياتهم في رعاية الله لا يخيفهم غراب أسود أو بومة رمادية

والذين يقضون مطالبهم بالدعاء لله لا يستجلبون الحظ بحذاء الفرس

توجهت سيدة من المشرفات على جمعية نسائية لإعالة الفقراء إلى ملجأ تديره سيدة عظيمة تدعى أبيجايل لوف وبادرت السيدة المديرة الملجأ بقولها أنا مندهشة حقا من الطريقة التي توفرين بها الطعام لك هؤلاء الجائعين دون أن يكون لك مصدر تمويل معروف على حين نشقى نحن في الحصول على حاجتنا

قالت السيدة لوف” ومن قال إنني لا أملك مصدرا ثابتا لتمويل الملجأ؟ إن عندي الإيمان بالله الذي يعطى السائلين إنه الأب المحب لكل الفقراء والمحتاجين وأنا أذهب إليه أطلب حاجتنا كل صباح فيرسلها دون إبطاء أو تأخير”

قالت السيدة ” إذا كان هذا صحيحا فأطلب من الله أن يعطينا اليوم ثلاث عشرة دجاجة مشوية لنرسلها إلى ثلاثة عشرة أسرة فقيرة هذه حاجتنا”

ولم تمض ساعات قليلة حتى كان أحد السعاة يدخل إلى الدار حاملا سلة كبيرة أرسلتها صاحبة أحد الفنادق القريبة مع بطاقة تقول لقد اعتذر بعض العملاء عن حضور الغذاء اليوم بعد إعداد طلباتهم فرأيت أن أرسل الفائض إليكم وكان الفائض ثلاث عسرة دجاجة مشوية

الإيمان هو الدواء

إذا كان للخرافات بريق وحلاوة لما فيها من إغراب فإن حقائق الإيمان أكثر غرابة من خيال الخرافات فنظرة واحدة إلى هذا الكون الفسيح الذي تحكمه القوانين الإلهية تملأ النفس يقينا بعجائب صنع الله وقدراته التي لا يدركها العقل بل إن رحلة الإنسان أي إنسان فرد منذ تخليقه جنينا حتى انحلاله شيخا سلسلة من المعجزات الإلهية في تركيبه البيولوجي وإدراكه العقلي  وتكوينه النفسي وتطلعه الروحي

وكل ما حولنا من دقائق المخلوقات الأرضية إلى عظائم الأجرام السماوية تفوق في واقعها أغرب الأساطير وقد أصبح كثير من الأشياء مألوفا لنا ومع ذالك فهو غريب طريف وقد اعتاد رجل بسيط أن يقول لناس أليس عجيبا أن بقرة حمراء تأكل حشيشا أخضر فتعطينا لبنا أبيض؟

وإذا كانت الخرافات مخدرا لليائسين فإن الإيمان هو الدواء الحقيقي فالله يشفى المريض الذي أستعصى مرضه على الطب والأطباء وهو يضمد الجرح ويجبر الكسر الذي يصيب المقهورين وهو الذي يفتح أبواب النجاح والأمل أمام الفاشلين اليائسين وهو الذي يملأ بالخير يد المحتاج والفقير

وإذا كانت الخرافات قوة مسيطرة محطمة فإن الإيمان بالله المحب القادر قوة بناءة حانية

سلام القلب الخاضع المؤمن

قال بوركي 1729/1797 كما أن الفوضى لا تعالج بالقمع بل بالحرية كذالك فإن الخرافات لا يشفيها الإلحاد بل الإيمان وهو يلفت النظر إلى مجموعتين من الناس ضاقت الأولى بالخرافات السائدة فرفضتها مع كل ما هو خفي لا تراه العين فاتجهت إلى الإلحاد والمجموعة الأخرى ضاقت بالخرافات ولم تجد تفسيرا فاتجهت إلى الله الذي يجلو السر والغيب لمحبيه وعارفيه ولم تجد المجموعة الأولى لسامها في العقل الرافض ووجدت الأخرى سلامها في القلب الخاضع المؤمن

إن الإيمان بلله يعطى اليقين ويثبت القلب فلا تهزه المخاوف ولا يرعبه المجهول

فالذين يخافون المستقبل يلجأون إلى قارئ الكف والفنجان وضارب الرمل والودع والمذل لكن الذين يؤمنون بأن مصائرهم في يد الله ينامون قريري العين

والذين يخافون من الناس يحمون أنفسهم خلف ستار وهمي من التعاويذ والتمائم وأعمال السحر أما الإيمان فهو يحمى أصحابه من الخوف من عيون الناس

والذين يخافون المجهول يرتعدون من خيالاتهم حول الأشباح والشياطين والأرواح الشريرة على حيت تهدأ أرواح المؤمنين في سلام بين يدي الله فهو رب الحقائق المعلنة والخفية على السواء

والذين يستودعون حياتهم في حماية الله لا يخيفهم غراب أسود أو بومة رمادية ولا يتهللون لروية قط أسود أو حمامة بيضاء

والذين يقضون مطالبهم بالدعاء لله لا يستجلبون الحظ بحدوة الفرس ولا يدفعون الشر بجثة تمساح محنطة ولا يستكتبون الدجالين أوراقا لبث الحب في القلوب أو للتفرقة بين المحبين فالله لهم الخير والحب والدواء

ألقى الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت بواحد من رجاله في السجن ولم يكن هذا السجن سوى قلعة قديمة في منطقة جبلية وكان من نصيب هذا السجين حجرة صغيرة ليس بها سوى نافذة ضيقة في أعلى أحد جدرانها يدخل منها النور في الساعات الأولى من الصباح ثم يحتويه الظلام بقية ساعات النهار والليل

وضاقت الدنيا بالرجل الذي لم تكن تسعه الأرض أصبحت دنياه ستة أمتار مربعة هي مساحة الزنزانة الحجرية وقضى أيامه بعد ذالك ثقيلة مريرة سوداء يغلفها الصمت والضيق والألم والوحشية وتوقع الرجل أن يأتي أصدقائه ومؤيدوه وأقرباؤه ومحبوه لزيارته وتشجيعه إن لم يكن لتأييده والهتاف له لكن أحدا لم يأت خوفا أو إهمالا أو انشغالا ولم يغفر الرجل لهم هذا التجاهل والإهمال وفي لحظة من لحظات اليأس أمسك بقطعة صغيرة من الحجر وكتب على الحائط خلاصة تجربة وسر مرارة نفسه : لا أحد يهتم

وبات الرجل يردد الكلمات المرة : لا أحد يهتم/ لا أحد يهتم وفي الصباح جال بصره في أركان الحجرة الخاوية كانت كما هي وكما عرفها بكل دقائقها ولم بها شيء مختلف سوى ذالك النقش المحفور على الحائط الذي كتبه في اليوم السابق لكنه رأي أيضا لدهشته نبتة صغيرة تطل برأسها الأخضر الدقيق من بين شقوق الأحجار في أرض الزنزانة ومع ضآلة هذا التغيير وقلة شأنه إلا أنه أحس وكأن ضيفا عزيزا جاء لزيارته بعض الوقت وتمنى لو أن الزيارة طال أمدها ولكنه كان يعلم أن النبات لا ينمو في الصخر إلا لأجل قصير على أي حال فقد حفظ لها الجميل ولما جاءه السجان بكوب الماء اليومي أحتفظ ببعض الماء ليروى النبتة النامية وأصبح هذا العمل اليومي شغله الشاغل فهو يتحرك بحساب لئلا يدوس بقدمه رفيق محبسه ويفتح عينه في الصباح ليلقى التحية ويطمئن إلى أن الحياة مازلت تدب في الساق  الأخضر النحيل

وطال النبات وامتد الساق متسلقا الأحجار الخشنة في حائط السجن ورأى السجين كيف اتجه النبات بلا مرشد أو دليل نحو النافذة العليا نحو النور ومرت أيام وإذا بأطراف النبات تخرج إلى ضوء الحياة ونظر الرجل إليه وكأنه يودع صديقا عزيزا تم الإفراج عنه ووقعت عينه على الكتابة التي نقشها على الحائط لا أحد يهتم فقام إليها وأمسك بقطعة الحجر ومحا الكلمات التي رددها كثيرا كتب كلمات قال الله يهتم وسيخرج إلى النور كل من يتجه إلى النور

إن الذين يحبسون أنفسهم في داخل سجون الخرافات المظلمة المدسوسة في تراث الأجيال لا يجدون في سجونهم سوى المرارة والظلمة والفشل لكن التطلع إلى نور الله يكشف ظلام السجون

إن الخرافات المتخفية خلف ستار التعاليم الدينية أو التقاليد الاجتماعية تنفرض على أصحابها سلطانا يجعلهم أسرى لها فيشكلون حياتهم وتصرفاتهم على هواها في غيبة العقل والإيمان فيفقدون العقل والإيمان

صرخة إنسانية

يا ربنا

نحن صنعنا سجوننا بأيدينا

وأحكمنا على أنفسنا أبواب الزنزانة

وضعنا القيد الحديدي

على مغاليق الفكر المستنير

وعصبنا عيوننا حتى لا نرى النور

فأنقذنا من التمرغ في خرافات الجهل

وأعطنا الشجاعة

لنتحدى سلطان التقاليد البالية

ووجه نظرنا إلى نور الإيمان بك وحدك

فالنور الحق يصرع جراثيم الباطل

فعرنا معنى الإيمان الحقيقي

وأطلق طاقتنا الحبيسة

في قوالب الفروض والطقوس

يا رب

 

الله الخير والحب والدواء
الله الخير والحب والدواء

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟