مبادئ إنسانية

الدخول في حماية الله

24 مبادئ إنسانية  :

 

نحن نحتاج إلى الدخول في حماية الله

بلا تردد وبلا كبرياء

حكاية ديفيد توماس وراشيل جونز حكاية طريفة جدا فقد كان ديفيد الشاب الثري جارا لراشيل الفتاة الحسناء وكان كلاهما مهذبا رقيقا ورأى كل منهما في الآخر شريك عمره المنشود فاتفقا على الارتباط المقدس وتمت الخطبة وبدأ رحلة الاستعداد للزواج

وحدث في يوم احتفال العريس بعيد ميلاده الثاني والثلاثين أن اختلف الفتى والفتاة وكان ذالك قبل الزفاف بأيام قليلة فتشاجرا وافترقا في تلك الليلة وفي قلب كل منهما حب عميق للآخر يشوبه بعض الغضب إذ كان كلاهما يرى أن الآخر قد ظلمه وعليه أن يطرق بابه ليعتذر

في تلك الليلة لم ينم ديفيد ولن تنم راشيل فقد قضى الشاب ليلته يكتب خطاب اعتذار وحب وقضت هي ليلتها وراء الباب تنتظر مجيئه في الصباح

وفي اليوم التالي وقف ديفيد أمام باب خطيبته حاملا باقة ورد وكاد يطرق الباب لكنه تردد خشية ألا تستجيب له فترك باقة الورود مع رسالة حب وانصراف وفي ذات الوقت كانت الفتاة وراء الباب وقد تيبست يدها على المقبض وكادت تفتحه لكنها ترددت أن تهون عليه كرامتها وما كادا الفتى يمضي حتى احتضنت الزهور والخطاب وانخرطت في البكاء بينما هو يجفف دموعه في الطريق

في صباح الأحد التالي ثم الأحد الذي يليه وعلى امتداد الأسابيع والشهور والسنين تكررت الأحداث كما وقعت في اليوم الأول ووضع الفتى آلاف الزهور والخطابات لمدة اثنين وأربعين سنة لن ينقطع هو عن إهداء الزهور ولم تتأخر هي عن انتظاره وراء الباب متلهفة على الرسالة والورود لكن أبدا لم يطرق هو الباب وأبل لم تفتحه هي

وجاء يوم طيب من أيام العمر حين طرق ديفيد الباب وفتحته فتاته الحسناء والتقيا وجها لوجه ليعرض عليها الزواج فتقبل ويحتفل العريسان أيضا بعيد ميلادهما الرابع والسبعين

ما أعظم العواقب التي تترتب على ترددنا ومع ذالك فكثيرا ما نتردد لأسباب تافهة وقد يدهشنا أن نكتشف بعد فوات الأوان أن خطوة واحدة لم نخطها في أول العمر قد ضيعت كل العمر 

ومن التردد ما قتل

شبت النار في إحدى البنايات المرتفعة فاندفع اثنان حاصرتهم النيران إلى شرفة قريبة وظلا يصرخان وتجمع عدد من الناس فأحضروا الوسائد والحشايا وفرشوا الطريق تحت الشرفة وأخذوا يستحثون الرجلين على إلقاء نفسيهما لكنهما وجدا صعوبة بالغة في الاستجابة للدعوة فقد كان الدخان الأسود يملأ الجو فلم يبصرا وسائد الأمان غير أن واحدا من الاثنين أنهي تردده ملقيا بجسده في الهواء فنجا وظل الآخر في تردده حتى التهمه النيران

إن التردد يضيع الوقت ويضيع الفرصة لكنه قد يضيع العمر كله

فلك النجاة وتردد البشر

حين دعا أبونا نوح قومه للنجاة سخر الناس به ولم تكن الدعوة إلى عمل شاق مكلف لكنها كانت دعوة سفينة النجاة التي لم يتعبوا في بنائها إذ كان الله قد أعدها لخلاصهم المجاني

قبل قليلون هذه الدعوة بينما رفضها كثيرون ولعل عددا كبيرا ظل مترددا بين القبول والرفض حتى أغلق الباب

فلماذا يرفض الناس النجاة ولماذا يتردد الناس في قبول دعوة الله؟

السبب في ذالك أن دخول الفلك كان يستلزم ثلاثة أمور:

أولها: أن يدرك الداخل أنه إنسان خاطئ شرير يستحق الهلاك

وثانيهما: أن يدرك الداخل أن الله غاضب لأنه إله قدوس لا يسكت على الشر

وثالثها : أن يدرك الداخل أن الله محب رحيم يريد أن ينقض البشر

وقد تردد الناس في دخول سفينة النجاة لأن الأسباب الثلاثة لم تكتمل لديهم

فقد قال البعض إنهم متدينون يمارسون الفرائض ويؤدون الوجبات الدينية فلم يعترفوا بخطاياهم

وقال البعض الآخر إنهم ليسو صالحين فلهم خطاياهم وذنوبهم الكثيرة لكن الله رؤوف رحيم

وقال فريق آخر إنهم أشرار جدا وأن الله غاضب عليهم ولكنهم لم يصدقوا أن يكون لهم نصيب في حب الله ورحمته

فالمجموعة الأولى أنكرت خطاياها فهلكت لأنها لم تقدر قداسة الله التي تظهر في نورها نجاستنا وشرنا

والمجموعة الثانية أنكرت غضب الله فهلكت لأنها لم تقدر أن الله عادل لا يتهاون مع البشر

والمجموعة الثالثة أنكرت محبة الله فهلكت لأنها لم تعرف عمق المراحم الإلهية التي دبرت وسيلة الخلاص المجاني لجميع الداخلين

لكن الأعجب من هؤلاء جميعا أولئك الذين أدركوا أنهم خطاة وأدركوا أن الله غاضب على الشر وأدركوا أن الله محب رحيم ومع ذالك يظلون خارج فلك النجاة لأنهم لا يملكوكن التصميم والعزم.. فيهلكون في ترددهم

فلعل عددا من الذين أهلكم الطوفان كانوا على بعد خطوة من باب السفينة ولعل منهم من لمس درجات السلم لكنه عاد ولعل منهم من ظل يصارع  ذاته مترددا بين الدخول والخروج  فكانت خطوته الأخيرة هي الفصل والقرار

ونحن أيضا

ونحن في عالم اليوم أيضا قد نكون أسرى التردد أو ضحاياه فنحن مشغولون حتى عن مصائرنا مندفعين وراء مادياتنا إلى الهلاك والفناء في  بحور المادية والشر لكن الله في رحمته وحبه يقيم سفينة نجاة في كل عصر لكل من يدرك حاجته إليها

ومع ذالك فإن الشيطان يقسى القلوب ويعمي البصائر ويحول الأنظار فيتردد الكثيرون في الدخول إلى الأمان في سفينة النجاة المجانية ويتجهون إلى ما يرضي كبريائهم البشري من أعمال وممارسات دينية وتدين ظاهري لا يغير القلب ولا يمنح السلام الداخلي

وكما احتمى الناس في أيام نوح بالجبال والتلال فلم تحمهم هكذا نحتمي نحن بكبرياء التدين قد تمنح طمأنينة وقتية لكنها لا تملأ القلب بالسلام الدائم والذي يحاول أن ينجو من غضب الله بجهده البشري كمن يحاول أن ينجو من الطوفان بالسباحة خارج الفلك فإنه حتما سيخور ويغرق

نحن نحتاج إلى الدخول في حماية الله بلا تردد وبلا كبرياء لنعلن ثقتنا الفورية به سبحانه وتعالى ونحتمي في فلك النجاة أعده لخلاصنا

فكم من رافض يغرق في طوفان الشر

وكم من مخدوع يحمي بتلال البر الذاتي والثة الباطلة بالنفس

وكم من متردد يموت على باب الفلك دون أ، يدخل فيه

صرخة إنسانية

يا رب

أطلق عزيمتي

ثبت قراري

فأنا واقف على الباب

ألمس بقلب راجف مشارف الطريق

أخطو خطوة لأتراجع خطوات

تشدني جسدانيتي

يقهرني ترددي

أيقنت أن الحاجة إليك

وأ، القوة منك

أدركت أن أعلى الجبال تديني

لن تنفذني من سيول الغضب

لم تعد إرادتي دفة قارب

في يد بحار ماهر

لم تعد عزيمتي مجدفا قويا

يقهر كبرياء الموج

طاشت ضربات يدي

وأنا أسبح فوق أيام العمر

في متاهات غربتي

خارت عزيمتي

وأنا أقاوم تيارات الشر

في بحور شهوتي

أحتاج إلى قوة روحك

ترفعني فوق ترددي الممقوت

تقذف بي في فلك النجاة

فيعود إليك الحمد كل الحمد

يا منثذ المترددين الغافلين

يا رب

الدخول في حماية الله

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× كيف لي ان اساعدك ؟